عمدة القاري - العيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣١
ذكر ما يستنبط منه من الأحكام فيه: فضل تنظيف المسجد، وقال ابن بطال. وفيه: الحض على كنس المساجد وتنظيفها لأنه إنما رخصه بالصلاة عليه بعد دفنه من أجل ذلك، وقد روي عن النبي أنه كنس المسجد. وفيه: خدمة الصالحين والسؤال عن الخادم والصديق إذا غاب وافتقاده. وفيه: المكافأة بالدعاء والترحم على من وقف نفسه على نفع المسلمين ومصالحهم. وفيه: الرغبة في شهود جنائز الصالحين. وفيه: جواز الصلاة على القبر، وهي مسألة خلافية جوزها طائفة، منهم: علي وأبو موسى وابن عمر وابن مسعود وعائشة رضي ا تعالى عنهم، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق. ومنعه: النخعي والحسن البصري والثوري. وهو قول أبي حنيفة والليث ومالك، ومنهم من قال: إنما يجوز إذا لم يصل الولي والوالي، ثم اختلف من قال بالجواز إلى كم يجوز؟ فقيل: إلى شهر، وقيل: ما لم يبل جسده، وقيل: أبدا، وسيأتي مزيد الكلام فيه في الجنائز، إن شاء ا تعالى. وفيه: استحباب الإعلام بالموت. وقال الكرماني: وفيه: أن على الراوي التنبيه على شكه فيما رواه مشكوكا.
37 ((باب تحريم تجارة الخمر في المسجد)) أي: هذا باب في بيان تحريم تجارة الخمر، ولا بد فيه من تقدير مضاف، لأن المراد بيان ذلك، وتبين أحكامه وليس المراد بأن تحريمها مختص بالمسجد لأنها حرام، سواء كانت في المسجد أو في غيره، وقوله: في المسجد، يتعلق بالتحريم لا بالتجارة. وقال صاحب (التوضيح): أخذ من كلام ابن بطال: وغرض البخاري هنا في هذا الباب، وا أعلم، أن المسجد لما كان للصلاة ولذكر ا تعالى منزها من الفواحش، والخمر والربا من أكبر الفواحش يمنع من ذلك، فلما ذكر الشارع تحريمها في المسجد، ذكر أنه لا بأس بذكر المحرمات والأقذار في المسجد على وجه النهي عنها، والمنع منها. انتهى. وأخذ بعضهم من كلامه: فقال: باب تحريم تجارة الخمر في المسجد، أي: جواز ذكر ذلك. قلت: كل هذا خارج عن المهيع أو تصرفات بغير تأمل، لأنه لا فائدة في بيان جواز ذكر ذلك في المسجد، إذ هو مبين من الخارج، وليس غرض البخاري ذلك، وإنما غرضه بيان أن تحريم تجارة الخمر وقع في المسجد، لأن ظاهر حديث الباب مصرح بذلك، لأن عائشة. قالت: لما نزلت الآيات من سورة البقرة في الربا خرج النبي إلى المسجد إلى آخره، فهذا ظاهره أن تحريم تجارة الخمر بعد نزول آيات الربا. فإن قلت: كان تحريم الخمر قبل نزول آيات الربا بمدة طويلة، كما صرحوا به، فلما حرمت الخمر حرمت التجارة فيها أيضا قطعا، فما الفائدة في ذكر تحريم تجارتها ههنا. قلت: يحتمل كون تحريم التجارة فيها قد تأخرت عن وقت تحريم عينها، ويحتمل أن يكون ذكره هنا تأكيدا ومبالغة في إشاعة ذلك، أو يكون قد حضر المجلس من لم يبلغه تحريم التجارة فيها قبل ذلك، فأعاد ذكر ذلك للإعلام لهم، وكان ذلك ورسول الله في المسجد، وهذا أيضا هو موقع الترجمة، وليس ذلك مثل ما قال بعضهم: وموقع الترجمة أن المسجد منزه عن الفواحش قولا وفعلا، لكن يجوز ذكرها فيه للتحذير منها. انتهى. قلت: إذا كان ذكر الفواحش جائزا في المسجد لأجل التحذير، فما وجه تخصيص ذكر فاحشة تحريم الخمر في المسجد؟ وجواب هذا يلزم هذا القائل، فعلى ما ذكرنا لا يرد سؤال فلا يحتاج إلى جواب.
954811 ح دثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت لما أنزلت الآيات من سورة البقرة في الربا خرج النبي إلى المسجد فقرأهن على الناس ثم حرم تجارة الخمر. (الحديث 954 أطرافه في: 4802، 6222، 0454، 1454، 2454، 3454).
مطابقة الحديث للترجمة قد ذكرناها الآن.
ذكر رجاله وهم ستة: الأول: عبدان: هو عبد ا بن عثمان المروزي، وعبدان، بفتح العين وسكون الباء الموحدة: لقب له قال البخاري: مات سنة إحدى وعشرين ومائتين، وأصله من البصرة. الثاني: أبو حمزة، بالحاء المهملة والزاي: اسه محمد بن ميمون السكري، مر في باب نفض اليدين في الغسل. الثالث: سليمان الأعمش.
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»