عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٧٨
وزعم ابن سيده أنه يقال: وقع الرجل والفرس وقعا فهو وقع: إذا حفي من الحجارة والشوط، وقد وقعه الحجر، وحافر وقيع وقعته الحجارة فقصت منه، ثم استعير للمشتكي المريض، يبينه قولها: وجع، والعرب تسمي كل مرض وجعا. وفي (الجامع): وقع الرجل فوقع إذا حفي من مشيه على الحجارة. وقيل: هو أن يشتكي لحم رجليه من الحفا. وقال ابن بطال: وقع معناه أنه وقع في المرض. وقال الجوهري: وقع أي: سقط، والوقع أيضا: الحفا. قوله: (فشربت من وضوئه) بفتح الواو. قوله: (إلى خاتم النبوة) بكسر: التاء، أي: فاعل الختم، وهو الإتمام والبلوغ إلى الآخر، وبفتح: التاء، بمعنى: الطابع، ومعناه الشيء الذي هو دليل على أنه لا نبي بعده. وقال القاضي البيضاوي: خاتم النبوة أثر بين كتفيه، نعت به في الكتب المتقدمة وكان علامة يعلم بها أنه النبي الموعود، وصيانة لنبوته عن تطرق القدح إليها صيانة الشيء المستوثق بالختم. قوله: (مثل زر الحجلة): الزر، بكسر الزاي وتشديد الراء. والحجلة، بفتح الحاء والجيم: واحدة الحجال، وهو بيوت تزين بالثياب والستور والإثرة، لها على وأزرار. وقال ابن الأثير: الحجلة، بالتحريك: بيت كالقبة يستر بالثياب ويكون له أزرار كبار، ويجمع على: حجال. وقيل: المراد بالحجلة: الطير، وهي التي تسمى القبحة، وتسمى الأنثى الحجلة، والذكر: يعقوب، وزرها: بيضها. ويؤيد هذا أن في حديث آخر: (مثل بيضة الحمامة). وعن محمد بن عبد الله شيخ البخاري. الحجلة من حجل الفرس الذي بين عينيه، وفي بعض نسخ المغاربة: الحجلة، بضم الحاء المهملة وسكون الجيم. قال الكرماني: وقد روي أيضا بتقديم الراء على الزاي، ويكون المراد منه: البيض. يقال: أرزت الجرادة بفتح الراء وتشديد الزاي: إذا كبست ذنبها في الأرض فباضت.
وجاءت فيه روايات كثيرة: ففي رواية مسلم عن جابر بن سمرة: (ورأيت الخاتم عند كتفيه مثلي بيضة الحمامة يشبه جسده)، وفي رواية أحمد، من حديث عبد الله بن سرجس: (ورأيت خاتم النبوة في نغض كتفه اليسرى كأنه جمع فيه خيلان سود كأنهما الثآليل). وفي رواية أحمد أيضا من حديث أبي رمثة التيمي، قال: (خرجت مع أبي حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت برأسه ردع حناء، ورأيت على كتفه مثل التفاحة، فقال أبي: إني طبيب ألا أبطها لك؟ قال: طبيبها الذي خلقها). وفي (صحيح) الحاكم: (شعر مجتمع)، وفي كتاب البيهقي: (مثل السلعة). وفي (الشمائل): (بضعة ناشزة). وفي حديث عمرو بن أخطب: (كشيء يختم به). وفي (تاريخ) ابن عساكر: (مثل البندقة)، وفي الترمذي: (كالتفاحة). وفي (الروض): كاثم المحجم الغائص على اللحم. وفي (تاريخ ابن أبي خيثمة): شامة خضراء محتفرة في اللحم، وفيه أيضا: شامة سوادء تضرب إلى الصفرة حولها شعرات متراكبات كأنها عرف الفرس. وفي (تاريخ القضاعي): ثلاث مجتمعات. وفي كتاب (المولد) لابن عابد: كان نورا يتلألأ. وفي (سيرة) ابن أبي عاصم: عذرة كعذرة الحمامة. قال أبو أيوب: يعنى فرطمة الحمامة، وفي (تاريخ نيسابور): مثل البندقة من لحم مكتوب فيه باللحم: (محمد رسول الله). وعن عائشة، رضي الله تعالى عنها، كتينة صغيرة تضرب إلى الدهمة، وكانت مما يلي القفا. قالت: فلمسته حين توفي فوجدته قد رفع. وقيل: كركبة العنز، وأسده أبو عمر عن عباد بن عمرو، وذكر الحافظ ابن دحية في كتابه (التنوير): كان الخاتم الذي بين كتفي رسول الله، عليه الصلاة والسلام، كأنه بيضة حمامة مكتوب في باطنها: (الله وحده): وفي ظاهرها: (توجه حيث شئت فإنك منصور). ثم قال: هذا حديث غريب استنكره؛ قال: وقيل: كان من نور. فإن قلت: هل كان خاتم النبوة بعد ميلاده أو ولد هو معه؟ قلت: قيل: ولد وهو معه، وعن ابن عائد في (مغازيه) بسنده إلى شداد بن أوس، فذكر حديث الرضاع وشق الصدر، وفيه: وأقبل الثالث. يعين الملك وفي يده خاتم له شعاع فوضعه بين كتفيه وثدييه، ووجد برده زمانا. وفي (الدلائل) لأبي نعيم: أن النبي، عليه الصلاة والسلام، لما ولد ذكرت أمه أن الملك غمسه في الماء الذي أنبعه ثلاث غمسات، ثم أخرج صرة من حرير أبيض، فإذا فيها خاتم، فضرب على كتفيه كالبيضة المكنونة تضيء كالزهرة: فان قلت: أين كان موضعه؟ قلت: قد روي أنه بين كتفيه. وقيل: كان على نغض كتفه اليسى، لأنه يقال: إنه الموضع الذي يدخل منه الشيطان إلى باطن الإنسان، فكان هذا عصمة له، عليه الصلاة والسلام، من الشيطان. وذكر أبو عمران، ميمون بن مهران، ذكر عن عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه: أن رجلا سأل ربه أن يريه موضع الشيطان منه، فرأى جسده ممهى يرى داخله من خارجه، ورأى الشيطان في صورة ضفدع عند نغض كتفه حداء قلبه، له خرطوم كخرطوم البعوضة، وقد أدخله في منكبه الأيسر إلى قلبه
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»