عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ٦٠
التبرز في البيوت. الثالث: يحيى بن سعيد الأنصاري، مر في كتاب الوحي. الرابع: موسى بن عقبة الأسدي المدني التابعي، تقدم في إسباغ الوضوء. الخامس: كريب مولى ابن عباس التابعي، تقدم أيضا في إسباغ الوضوء. السادس: أسامة بن زيد، رضي الله تعالى عنه.
بيان لطائف اسناده منها: أن فيه التحديث والإخبار والعنعنة. ومنها: أن فيه رواية ثلاثة من التابعين في نسق واحد، وهم: يحيى وموسى وكريب، وهو من أوساط التابعين. ومنها: أن رواته ما بين بيكندي وواسطي ومدني، ووقع لابن المنير في هذا الاسناد وهم فإنه قال: فيه ابن عباس عن أسامة بن زيد، وليس من رواية ابن عباس، وإنما هو من رواية كريب مولى ابن عباس عن أسامة.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري في الطهارة عن القعنبي وعن ابن سلام، وأخرجه في الحج عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن موسى بن عقبة، في الحج أيضا عن مسدد عن حماد بن زيد عن يحيى عن موسى. وأخرجه مسلم في الحج عن يحيى بن يحيى عن مالك به، وعن محمد بن رمح عن ليث بن سعد عن يحيى بن سعيد به، وعن إسحاق عن يحيى بن آدم عن زهير كلاهما عن إبراهيم بن عقبة، وعن إسحاق عن وكيع عن سفيان عن محمد بن عقبة كلاهما عن كريب به. وأخرجه أبو داود في الطهارة عن القعنبي به. وأخرجه النسائي فيه عن محمود بن غيلان عن وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن عقبة به، وعن أحمد بن سليمان عن يزيد بن هارون به، وعن قتيبة عن مالك به عن قتيبة عن حماد بن زيد عن إبراهيم بن عقبة به مختصرا.
بيان المعنى والإعراب قوله: (لما أفاض) أي: لما رجع أو دفع. قوله: (من عرفة) أي: من وقوف عرفة، لأن عرفة اسم الزمان، والدفع كان من عرفات لأنه اسم المكان، وقيل: جاء عرفة أيضا اسما للمكان، فعلى هذا لا يحتاج إلى التقدير. وقال الجوهري: قول الناس: نزلنا عرفة شبيه بمولد وليس بعربي محض. قوله: (عدل إلى الشعب) أي: توجه إليه، والشعب، بكسر الشين: الطريق في الجبل. قوله: (أصب) بضم الصاد، ومفعوله محذوف، والجملة خبر: جعلت، لأنه من أفعال المقاربة. قوله: (يتوضأ) جملة موضعها النصب على الحال، وجاز وقوع الفعل المضارع المثبت حالا مع الواو. وقال الزمخشري: قوله تعالى: * (ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * (النساء: 19) حال، وكذا * (ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) * (المائدة: 84)، ويجوز أن يقدر مبتدأ: (ويتوضأ) خبره، والتقدير: وهو يتوضأ، فحينئذ تكون جملة اسمية أو تكون الواو للعطف: قوله: (قال)، وفي رواية: (فقال)، بفاء العطف اي: قال النبي، صلى الله تعالى عليه وآله وسلم. قوله: (المصلى) أي: مكان الصلاة. (أمامك) بفتح الميم الثانية لأنه ظرف، أي: قدامك.
بيان استنباط الأحكام منها: ما قاله النووي: فيه دليل على جواز الاستعانة في الوضوء، وهي على ثلاثة أقسام: أحدها أن يستعين في إحضار الماء فلا كراهية فيه. الثاني: أن يستعين في غسل الأعضاء ويباشر الأجنبي بنفسه غسل الأعضاء فهذا مكروه إلا لحاجة. الثالث: أن يصب عليه، فهذا مكروه في أحد الوجهين، والأولى تركه. قلت: فيه حزازة لأن ما فعل رسول الله، عليه الصلاة والسلام، لا يقال فيه: الأولى تركه، لأنه، عليه الصلاة والسلام، لا يتحرى إلا ما فعله أولى ثم إذا قيل: الأولى تركه، كيف ينازع في كراهته وليس حقيقة المكروه إلا ذلك؟ كذا قاله الكرماني. قلت: هذا حقيقة المكروه كراهة التنزيه لا المكروه كراهة التحريم. وقال ابن بطال: واستدل البخاري من صب الماء عليه أنه يجوز للرجل أن يوضئه غيره لأنه لما لزم المتوضىء اغتراف الماء من الإناء بأعضائه، جاز له أن يكفيه ذلك غيره بدليل صب أسامة. والاغتراف بعض أعمال الوضوء، فكذلك يجوز سائر أعماله، وهذا من باب القربات التي يجوز أن يعملها الرجل عن غيره، بخلاف الصلاة. ولما أجمعوا أنه جائز للمريض أن يوضئه غيره، وييممه إذا لم يستطع، ولا يجوز أن يصلي عنه إذا لم يستطع، ذدل أن حكم الوضوء بخلاف حكم الصلاة. قال: وهذا الباب رد لما روي عن جماعة أنهم قالوا: نكره أن يشركنا في الوضوء أحد. فإن قلت: البخاري لم يبين في هذا المسألة الجواز ولا عدمه. قلت: إذا عقد الباب أفلا يعلم منه جوازه، وإن لم يصرح به؟ وقال ابن المنير: قاس البخاري توضئة الرجل غيره على صبه عليه لاجتماعهما في الإعانة قلت: هذا قياس بالفارق، والفرق ظاهر، وروي عن عمر وعلي، رضي الله تعالى عنهما، أنهما نهيا أن يستقى لهما الماء لوضوئهما، وقالا: نكره أن يشركنا في
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»