الساغدي الأنصاري أبو العباس، وكان يسمى حزنا فسماه النبي صلى الله عليه وسلم: سهلا روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مائة حديث وثمان وثلاثون حديثا ذكر البخاري تسعة وثلاثين، مات سنة إحدى وتسعين، وهو ابن مائة سنة، وهو آخر من مات من الصحابة بالمدينة.
ذكر لطائف إسناده فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين والعنعنة في موضع واحد. وفيه: السماع والإسناد رباعي، والرواة ما بين ومدني.
بين تعدد وضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري هاهنا عن محمد، وفي الجهاد عن علي ابن عبد الله وفي النكاح عن قتيبة وأخرجه مسلم في المغازي عن أبي بكر ابن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر. وأخرجه الترمذي في الطب عن ابن أبي عمر، وأخرجه ابن ماجة فيه عن محمد بن الصباح وهشام بن عمار، تسعتهم عنه به، ومعنى حديثهم واحد، وقال الترمذي: حسن صحيح.
ذكر لغته وإعرابه ومعناه قوله: (الساعدي) بتشديد الياء المنصوبة لأنه صفة سهل، وهو منصوب لأنه مفعول سمع. قوله: (وسأله الناس) وفي بعض النسح. (وسألوه الناس) على لغة، أكلوني البراغيث، وهذه جملة من الفعل والفاعل والمفعول، ومحلها النصب على الحال. قوله: (ما بيني وبينه أحد) يعني: عند السؤال عنه. قال الكرماني: هي جملعة معترضة لا محل لها في الإعراب. قلت: الجملة المعترضة هي التي تقع بين الكلامين وليس لها تعلق بأحدهما. وقد تقع في آخر الكلام، ويجوز أن تكون جملة حالية أيضا، ويكون محلها من الإعراب النصب، ولكن وقعت بلا واو، وذز الحال، إما مفعول، سأل، فيكونان حالين متداخلتين، وأما مفعول سمع، فيكونان مترادفتين. قوله: (بأي شيء) الياء فيه تتعلق بقوله: (وسأله) وكلمة أي للاستفهام. قوله (دووى) بضم الدام وكسر الواو، وصيغة المجهول من المداواة، وقال بعضهم: حذفت إحدى الواوين في الكتابة. قلت: بالواوين في أكثر النسخ، وفي بعضها بواو واحدة، فحذفت منها إحدى الواوين كما حذفت من داود وطاوس في الخط. قوله: (أعلم) مرفوع لأنه صفة، أحد، ويجوز أن منصوبا على الحال، وعرضه من هذا التركيب أنه، أعلم الناس بهذه القضية، لأن موته بأخر وكان آخر من بقي من الصحابة بالمدينة، كما صرح به البخاري في النكاح في روايته عن تيبة عن سفيان، ومثل هذا التركيب لا يستعمل بحسب العرف إلا عند انتفاء المساوي وهذا ظاهر، وبهذا يسقط سؤال من قال: لا يلزم منه منافاة مساواة غيره له فيه. قوله: (فأخذ) على صيغة المجهول، وكذلك قوله: (فاحرق فحشي) وفي رواية البخاي في الطب. (فلما رأت فاطمة، رضي الله عنها، الدم تزيد على الماء كثرة، عمدة إلى حصيرة فأحرقتها والصقتها على الخرج فرقي الدم)، وهذه الواقعة كانت بأحد، وزعم ابن سعد عن عتبة بن أبي وقاص، (شج النبي، عليه الصلاة والسلام في وجهه وأصاب رباعيته؛ فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن النبي صلى الله عليه وسلم الدم، والني، عليه السلام، يقول: (كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم؟ فانزل الله تبارك وتعالى: * (ليس لك من الأمر شيء) * (سورة آل عمران: 128) الآية وزعم السهيلي: أن عبد الله بن قمية هو الذي جرح وجهه صلى الله عليه وسلم.
بيان استنباط الأحكام منه قل ابن بطال: فيه: دليل على جواز مباشرة المرأة أباها وذوي محارمها ومداواة أمراضهم، وكذلك قال أبو العالية: امسحوا على رجلي فإنها مريضة، ولم يخص بعضهم دون بعض، بل عمهم جميعا. وفيه: إباحة التداوي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم داوى جرحه. وفيه: جواز المداواة بالحصير المحرق لأنه يقطع الدم، وفيه: إباحة الاستغاثة في المداواة.
وقال النووي: وفيه: وقوع الابتلاء والأنتقام بالأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، لينالوا جزيل الأجر، ولتعرف أممهم وغيرهم ما أصابهم ويأنسوا به، وليعلموا أنهم من البشر يصيبهم محن الدنيا ويطرؤ على أجسادهم ما يطرؤ على أجسام البشر ليتيقنوا أنهم مخلوقون مربوبون ولا يفتدون بما ظهر على أيديهم من المعجزات كما افتتن النصارى. وفيه: أن المداواة لا تنافي التوكل. وفيه: سؤال من لا يعلم عمن يعلم عن أمر خفي عليه.
73 ((باب السواك)) أي: هذا باب في بيان أحكام السواك. قال ابن سيده: السواك، يذكر ويؤنث، والسواك كالمسواك، الجمع: سوك، وقال أبو حنيفة ربما همز فقيل: سؤك، وأنشد الخليل لعبد الرحمن بن حسان، رضي الله تعالى عنهما.
أغر الثنايا أحمر اللثات سؤك الأسحل.
بالهمز، يقال: ساك الشيء سوكا دلكه وساك فيمه بالعود واستاك، مشتق منه، وفي الجامع، السواك والمسواك ما يدلك