عمدة القاري - العيني - ج ٣ - الصفحة ١٨٥
والذي يخرج من الحلق يسمى هواعة، وهوعت ما أكلته إذا استخرجته من حلقك. وعن إسماعيل: الهوعاء، مثل. عشراء، من التهوع. وعن قطرب: الهيعوعة من الهواع وقال ابن سيده: الهيعوعة من بنات، الواو، ولا يتوجه اللهم إلا أن يكون محذوفا قوله: (يستن) جملة في محل النصب على أنها مفعول ثان، لوحدته، ووحد من أفعال القلوب، لأن معناه قائم بالقلب، ويأتي: وجد بمعنى أصاب أيضا، فإن جعل وجدته من هذا المعنى تكون الجملة منصوبة على الحال من الضمير المنصوب الذي في وجدته، قوله: (بيده) الياء فيه تتعلق بمحذوف تقديره، بسواك كائن بيده، ونحو ذلك. قوله: (يقول) جملة من الفعل والفاعل في محل النصب على الحال. وقوله: (أع أع) في محل النصب على مقول القول. وقوله: (والسواك في فيه) أي: في فمه، ومحل هذه الجملة النصب على الحال.
بيان استنباط الحكم وهو: أنه يدل على أن السواك سنة مؤكذة لمواظبته صلى الله عليه وسلم عليه ليلا نهارا أو قام الإجماع كونه مندوبا حتى قال الأوزاعي: هو شطر الوضوء، وقد جاء أحاديث كثيرة تدل على مواظبته صلى الله عليه وسلم عليه، ولكن أكثرها فيه كلام، وأقوى ما يدل على المواظبة وأصحه محافظته صلى الله عليه وسلم له حتى عند وفاته، كما جاء في البخاري من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. قالت: (دخل عبد الرحمن بن أبي بكر، رضي الله عنهما، على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري، ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأمده رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره، فأخذت السواك فقضمته وطيبته ثم دفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستن). الحديث وقد اختلف العلماء فيه فقال بعضهم: إنه من سنة الوضوء وقال آخرون: إنه من سنة الصلاة، وقال آخرون إنه من سنة الدين، وهو الأقوى، نقل ذلك عن أبي حنيفة. وفي (الهداية) أن الصحيح استحبابه، وكذا هو عند الشافعي، وقال ابن حزم: هو سنة ولو أمكن لكل صلاة لكان أفضل، وهو يوم الجمعة فرض لازم وحكى أبو حامد الإسفرائيني والماوردي عن أهل الظاهر وجوبه، وعن إسحاق أنه واجب إنه تركه عمدا بطلت صلاته، وزعم النووي أن هذا لم يصح عن إسحاق وكيفيته عندنا أن يستاك عرضا لا طولا عند مضمضة الوضوء وأخرج أبو نعيم من حديث عائشة قالت: (كان صلى الله عليه وسلم يستاك عرضا لا طولا) وفي (المغني) ويستاك على أسنانه ولسانه، ولا تقدير فيه، يستاك إلى أن يطمئن قلبه بزوال النكهة واصفرار السن، ويأخذ السواك باليمنى، والمستحب فيه ثلاث مياه، ويكون في غلط الخنصر وطول الشبر والمستحب أن شاك بعود من أراك وبيابس قد ندى بالماء ويكون لينا محرما وفي (المحيط) العلك للمرأة يقوم مقام السواك، وإذا لم يجد السواك يعالج بإصبعه في حديث أنس، رواه البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قال: يجزئ من السواك الأصابع، وضعفه وفضائلة كثيرة، وقد ذكرنا في (شرحنا لمعاني الآثار) للطحاوي ما ورد فيه عن أكثر من خمسين صحابيا.
245 حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك.
.
هذا أيضا مطابق للترجمة.
بيان رجاله وهم خمسة: عثمان: بن أبي شيبة أخو أبي بكر بن أبي شيبة، وجرير بن عبد الحميد، ومنصور بن المعتمر، وأبو وائل شقيق الحضرمي، تقدموا في باب: من جعل لأهل العلم أياما، وحذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
بيان لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين: وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن رواته كلهم كوفيون.
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري هاهنا عن عثمان، وفي الصلاة عن محمد بن كثير، وفي صلاة الليل عن حفص بن عمر. وأخرجه مسلم في الطهارة عن أبي بكر بن أبي شيبة، وعن إسحاق بن إبراهيم وعن ابن نمير عن أبيه وأبي معاوية كلاهما عن الأعمش وعن أبي موسى محمد بن المثنى وبندار كلاهما عن ابن مهدي عن سفيان. وأخرجه أبو داود فيه عن محمد بن كثير به. وأخرجه النسائي فيه عن إسحاق ابن إبراهيم وقتيبة، كلاهما عن جرير به وفي الصلاة عن عمرو بن علي ومحمد بن المثنى، كلاهما عن ابن مهدي به، وعن محمد بن عبد الأعلى، وعن محمد بن سعيد وعن أحمد بن سليمان وأخرجه ابن ماجة في الطهارة عن محمد بن عبد الله بن نمير به، وعن علي بن محمد عن وكيع.
بيان لغته قوله: (يشوص) بالشين المعجمة والصاد المهملة: قال ابن سيده: شاص الشيء مشوصا غسله، وشاص فاه
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»