عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٢
حسن وفي المراسيل عنه هذا حديث مرسل وأنكر أن يكون عراك سمع عائشة وقال من أين سمع عائشة ماله ولعائشة إنما يروي عن عروة هذا خطأ فمن روى هذا قبل حماد بن سلمة عن خالد فقال غير واحد عن خالد ليس فيه سمعت وغير واحد أيضا عن حماد وليس فيه سمعت قلت أبو عبد الله لم يجزم بعدم سماعه منها إنما ذكره استبعادا وأما روايته عن عروة عنها فلا يدل على عدم سماعه منها لا سيما وقد جمعهما بلد وعصر واحد فسماعه منها ممكن جائز وقد صرح في الكمال والتهذيب بسماعه منها وقد وجدنا متابعا لحماد على قوله عن عراك سمعت عائشة رضي الله عنها وهو علي بن عاصم عند الدارقطني وصحيح ابن حبان وهو منهما محمول على الاتصال حتى يقوم دليل واضح بعدم سماعه عنها والله أعلم * الثاني من الأحكام استعمال الكناية بالحاجة عن البول والغائط وجواز الإخبار عن مثل ذلك للاقتداء والعمل * الثالث في قوله أن ناسا يقولون دليل على أن الصحابة رضي الله عنهم يختلفون في معاني السنن وكان كل واحد منهم يستعمل ما سمع على عمومه فمن ههنا وقع بينهم الاختلاف وقال الخطابي قد يتوهم السامع من قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن ناسا يقولون الخ أنه يريد إنكار ما روى في النهي من استقبال القبلة عند الحاجة نسخا لما حكاه من رؤيته عليه الصلاة والسلام يقضي حاجته مستدبر القبلة وليس الأمر في ذلك على ما يتوهم لأن المشهور من مذهبه أنه لا يجوز الاستقبال والاستدبار في الصحراء ويجيزهما في البنيان وإنما أنكر قول من يزعم أن الاستقبال في البنيان غير جائز ولذلك مثل لما شاهد من قعوده في الأبنية قلت ظاهر عبارة الكلام يدل على إنكار ابن عمر رضي الله تعالى عنه على من يزعم أن استقبال بيت المقدس عند الحاجة غير جائز فمن ذلك قال أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ناسخ للنهي عن استقبال بيت المقدس واستدباره والدليل على هذا ما روى مروان الأصغر عن ابن عمر أنه أناخ راحلته مستقبل بيت المقدس ثم جلس يبول إليها فقلت يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن هذا قال إنما نهى عن هذا في الفضاء وأما إذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس * الرابع فيه تتبع أحوال النبي عليه الصلاة والسلام كلها ونقلها وأنها كلها أحكام شرعية * ((باب خروج النساء إلى البراز)) أي هذا باب في بيان خروج النساء إلى البراز وهو بفتح الباء الموحدة اسم للفضاء الواسع من الأرض ويكنى به عن الحاجة وقال الخطابي وأكثر الرواة يقولون بكسر الباء وهو غلط لأن البراز بالكسر مصدر بارزت الرجل مبارزة وبرازا وقال بعضهم قلت بل هو موجه لأنه يطلق بالكسر على نفس الخارج قال الجوهري البراز المبارزة في الحرب والبراز أيضا كناية عن ثفل الغذاء وهو الغائط والبراز بالفتح الفضاء الواسع انتهى فعلى هذا من فتح أراد الفضاء وهو من إطلاق اسم المحل على الحال كما تقدم مثله في الغائط ومن كسر أراد نفس الخارج انتهى قلت الذي قاله غير موجه والتوجيه مع الخطابي قال في العباب قال ابن الأعرابي برز بكسر الراء إذا ظهر بعد خمول وبرز بفتحها إذا خرج إلى البراز للغائط وهو الفضاء الواسع قال الفراء هو الموضع الذي ليس فيه خمر من شجر ولا غيره والبراز الحاجة سميت باسم الصحراء كما سميت بالغائط ومنه حديث النبي عليه الصلاة والسلام اتقوا الملاعن الثلاث. البراز في الموارد. وقارعة الطريق. والظل والمناسبة بين البابين ظاهرة لأن في الأول حكم التبرز وهنا حكم البراز 12 - (حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم احجب نساءك فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب)
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»