عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٨٣
مطابقة الحديث للترجمة في قوله إذا تبرزن إلى المناصع وأشار البخاري بهذا الباب إلى أن تبرز النساء إلى البراز كان أولا لعدم الكنف في البيوت وكان رخصة لهن ثم لما اتخذت الكنف في البيوت منعن عن الخروج منها إلا عند الضرورة وعقد على ذلك الباب الذي يأتي عقيب هذا الباب.
(بيان رجاله) وهم ستة تقدم ذكرهم بهذا الترتيب في كتاب الوحي وعقيل بضم العين وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري.
(بيان لطائف إسناده) منها أن فيه صيغة التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة. ومنها أن فيه تابعيين ابن شهاب وعروة وقرينين الليث وعقيل. ومنها أن رواته ما بين مصري ومدني ومنها أن هذا الإسناد على شرط الستة إلا يحيى فإنه على شرط البخاري ومسلم.
(بيان من أخرجه غيره) أخرجه مسلم أيضا في الاستئذان عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده به (بيان اللغات) قوله إذا تبرزن أي إذا خرجن إلى البراز للبول والغائط فأصله من تبرز بفتح عين الفعل إذا خرج إلى البراز للغائط وهو الفضاء الواسع قوله إلى المناصع جمع منصع مفعل من النصوع وهو الخلوص والناصع الخالص من كل شيء يقال نصع ينصع نصاعة ونصوعا ويقال أبيض ناصع وأصفر ناصع قال الأصمعي كل ثور خالص البياض أو الصفرة أو الحمرة فهو ناصع وفي العباب المناصع المجالس فيما يقال وقال أبو سعيد المناصع المواضع التي يتخلى فيها لبول أو لغائط الواحد منصع بفتح الصاد وقال الأزهري أراها مواضع خارج المدينة وقال ابن الجوزي هي المواضع التي يتخلى فيها للحاجة وكان صعيدا أفيح خارج المدينة يقال له المناصع والصعيد وجه الأرض وقد فسره في الحديث بقوله وهو صعيد أفيح والأفيح بالفاء وبالحاء المهملة الواسع وزاد فيحا أي وسعة وقال الصغاني بحر أفيح بين الفيح أي واسع وبحر فياح أيضا بالتشديد وقال الأصمعي أنه لجواد فياح وفياض بمعنى واحد قلت كأنه سمى بالمناصع لخلوصه عن الأبنية والأماكن (بيان الإعراب) قوله كن جملة في محل الرفع على أنها خبر أن قوله يخرجن جملة في محل النصب على أنها خبر كان والباء في بالليل ظرفية وكلمة إذا ظرفية قوله إلى المناصع جار ومجرور يتعلق بقوله يخرجن قال الكرماني ويحتمل أن يتعلق بقوله تبرزن قلت احتمال بعيد قوله وهو مبتدأ وقوله صعيد أفيح صفة وموصوف خبره قوله يقول جملة في محل النصب أيضا لأنها خبر كان قوله احجب نساءك مقول القول قوله يفعلوا جملة في محل النصب أيضا لأنها خبر كان قوله بنت زمعة كلام إضافي مرفوع لأنه صفة لسودة وقوله زوج النبي عليه الصلاة والسلام كلام إضافي أيضا مرفوع لأنه صفة أخرى لسودة قوله ليلة نصب على الظرف قوله عشاء هو بكسر العين وبالمد نصب على أنه بدل من قوله ليلة قوله ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف استفتاح ينبه بها على تحقق ما بعدها قوله يا سودة منادى مفرد معرفة ولهذا يبنى على الضم قوله حرصا نصب على أنه مفعول له والعامل فيه قوله فناداها قوله على أن ينزل على صيغة المجهول وأن مصدرية (بيان المعاني) قوله وهو صعيد أفيح تفسير لقوله إلى المناصع وقال بعضهم الظاهر أن التفسير مقول عائشة رضي الله عنها قلت لا دليل على الظاهر وإنما هو يحتمل أن يكون منها أو من عروة أو ممن دونه من الرواة قوله احجب نساءك أي امنعهن من الخروج من البيوت وسياق الكلام يدل على هذا المعنى وقال بعضهم يحتمل أن يكون أراد أولا الأمر بستر وجوههن فلما وقع الأمر بوفق ما أراد أحب أيضا أن يحجب أشخاصهن مبالغة في التستر فلم يجب لأجل الضرورة وهذا أظهر الاحتمالين قلت ليس الأظهر إلا ما قلنا بشهادة سياق الكلام والاحتمال الذي ذكره لا يدل عليه هذا الحديث وإنما الذي يدل عليه هو حديث آخر وذلك لأن الحجب ثلاثة * الأول الأمر بستر وجوههن يدل عليه قوله تعالى * (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) * الآية قال القاضي عياض والحجاب الذي خص به خلاف أمهات المؤمنين هو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك لشهادة ولا لغيرها * الثاني هو الأمر بإرخاء الحجاب بينهن وبين الناس يدل عليه قوله تعالى * (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) * الثالث هو الأمر بمنعهن من الخروج من البيوت إلا لضرورة شرعية فإذا
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 290 ... » »»