عمدة القاري - العيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧
ومنها أن فيه رواية التابعي عن التابعي.
(بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في الصلاة عن علي عن سفيان بن عيينة عن الزهري به وأخرجه مسلم في الطهارة عن يحيى بن يحيى وزهير وابن نمير وأبو داود أيضا فيه عن مسدد والترمذي فيه أيضا عن سعيد بن عبد الرحمن خمستهم عن سفيان به وأخرجه النسائي فيه أيضا عن محمد بن منصور عن سفيان به وعن يعقوب بن إبراهيم عن غندر عن معمر عن الزهري بمعناه. وأخرجه ابن ماجة فيه أيضا عن أبي الطاهر بن السرح عن ابن وهب عن يونس عن الزهري نحوه (بيان اللغات والإعراب) قوله إذا أتى من الإتيان وهو المجيء وقد أتيه أتيا وأتوتة وأتوة لغة فيه وكلمة إذا للشرط ولهذا دخلت الفاء في جوابها وهو قوله فلا يستقبل القبلة قوله الغائط منصوب بقوله أتى قوله فلا يستقبل القبلة يجوز فيه الوجهان أحدهما أن يكون نهيا فتكون اللام مكسورة لأن الأصل في الساكن إذا حرك أن يحرك بالكسر والآخر أن يكون نفيا فتكون اللام مضمومة قوله ولا يولها نهى ولهذا حذفت منه الياء وأصله ولا يوليها من ولاه الشيء إذا استقبله وفي المطالع وقد يكون التولي بمعنى الاستقبال * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * أي تولوا وجوهكم والهاء مفعوله الأول وظهره مفعوله الثاني وهو يستدعي مفعولين ولهذا قال الزمخشري في قوله تعالى * (ولكل وجهة هو موليها) * أي موليها وجهه فحذف أحد المفعولين وقال الجوهري * (ولكل وجهة هو موليها) * أي يستقبلها بوجهه وههنا أيضا المعنى لا يستقبل القبلة بظهره وحاصل المعنى لا يستدبر القبلة بظهره أو لا يجعلها مقابل ظهره قوله شرقوا جملة من الفعل والفاعل وكذلك أو غربوا من التشريق وهو الأخذ في ناحية المشرق والتغريب وهو الأخذ في ناحية المغرب. يقال شتان بين مشرق ومغرب (بيان المعاني) فيه تقييد الفعل بالشرط وقد علم الفرق بين تقييده بأن وبين تقييده بإذا بأن أصل أن عدم الجزم بوقوع الشرط وأصل إذا الجزم بوقوعه وغلب لفظ الماضي بإذا على المستقبل لأن لفظ الماضي أنسب إلى مدلول إذا من لفظ المستقبل لكون الماضي أقرب إلى القطع بالوقوع من المستقبل نظرا إلى اللفظ لا إلى المعنى فإنه يدل على الاستقبال لوقوعه في سياق الشرط وفيه أسلوب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب وإذا وقع الكلام على أساليب مختلفة يزداد رونقا وبهجة وحسنا سيما هو من كلام أفصح الناس وقال الخطابي قوله شرقوا أو غربوا خطاب لأهل المدينة ولمن كانت قبلته على ذلك السمت وأما من قبلته إلى جهة المشرق أو المغرب فإنه لا يشرق ولا يغرب وقال الداودي اختلف في قوله شرقوا أو غربوا فقيل إنما ذلك في المدينة وما أشبهها كأهل الشام واليمن وأما من كانت قبلته من جهة المشرق أو المغرب فإنه يتيامن أو يتشاءم وقال بعضهم البيت قبلة لمن في المسجد والمسجد قبلة لأهل مكة ومكة قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لسائر أهل الأرض وقالوا في قوله ما بين المشرق والمغرب قبلة فيما يحاذي الكعبة أنه يصلي إليه من الجهتين ولا يشرق ولا يغرب يحاذي كل طائفة الأخرى في هذا لأن الله سبحانه وتعالى كرم البيت وجعله مصلى يصلى إليه من كل جهة (بيان استنباط الأحكام) الأول احتج أبو حنيفة رضي الله عنه بالحديث المذكور على عدم جواز استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائط سواء كان في الصحراء أو في البنيان أخذا في ذلك بعموم الحديث هو مذهب مجاهد وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبي ثور وأحمد في رواية وهو مذهب الراوي أيضا وهو أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه ولأن المنع لأجل تعظيم القبلة وهو موجود في الصحراء والبنيان فالجواز في البنيان إن كان لوجود الحائل فهو موجود في الصحراء في البلاد النائية لأن بينها وبين الكعبة جبالا وأودية وغير ذلك لا سيما عند من يقول بكروية الأرض فإنه لا موازاة إذ ذاك بالكلية وما ورد من قول الشعبي أنه علل ذلك بأن لله خلقا من عباده يصلون في الصحراء فلا تستقبلوهم ولا تستدبروهم وأنه لا يوجد في الأبنية فهو تعليل في مقابلة النص ولهم في ذلك أحاديث أخرى كلها عامة في النهي * منها حديث عبد الله بن الحارث بن جزء أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك فإن قلت قال ابن يونس في تاريخه وهو حديث معلول قلت لا التفات إلى قوله هذا فإن ابن حبان قد صححه. ومنها
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»