واثني عشرة إلى عشرين فما فوق ذلك يقال: بضعة عشر في جمع المذكر، وبضع عشرة في جمع المؤنث. قال تعالى: * (في بضع سنين) * (الروم: 4) ولا يقال في: أحد عشر ولا اثنى عشر، إنما البضع من الثلاث إلى العشر. وقال صاحب (العين): البضع سبعة، وقال قطرب: أخبرنا الثقة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (* (في بضع سنين) * (الروم: 4) ما بين خمس إلى سبع). وقالوا: ما بين الثلاث إلى الخمس. وقال الفراء: البضع نيف ما بين الثلاث إلى التسع، كذلك رأيت العرب تفعل، ولا يقولون: بضع ومائة، ولا بضع وألف، ولا يذكر مع عشر ومع العشرين إلى التسعين. وقال الزجاج: معناه القطعة من العدد تجعل لما دون العشرة من الثلاث إلى التسع، وهو الصحيح، وهو قول الأصمعي. وقال غيره: البضع من الثلاث إلى التسع؛ وقال أبو عبيدة: هو ما بين نصف العشر، يريد ما بين الواحد إلى الأربعة؛ وقال يعقوب، عن أبي زيد: بضع وبضع، مثال: علم وصقر؛ وفي (المحكم) البضع ما بين الثلاث إلى العشر، وبالهاء من الثلاثة إلى العشرة، يضاف إلى ما يضاف إليه: الآحاد، ويبنى مع العشرة، كما يبنى سائر الآحاد، ولم يمتنع عشرة؛ وفي (الجامع) للقزاز: بضع سنين قطعة من السنين، وهو يجري في العدد مجرى ما دون العشرة. وقال قوم: قوله تعالى: * (فلبث في السجن بضع سنين) * (يوسف: 42) يدل على أن البضع سبع سنين، لأن يوسف، عليه السلام، إنما لبث في السجن سبع سنين. وقال أبو عبيدة: ليس البضع العقد ولا نصف العقد؛ يذهب إلى أنه من الواحد إلى الأربعة. وفي (الصحاح): لا تقول بضع وعشرون. وقال المطرزي في شرحه: البضع من أربعة إلى تسعة، هذا الذي حصلناه من العلماء البصريين والكوفيين، وفيه خلاف، إلا أن هذا هو الاختيار. والنيف: من واحد إلى ثلاثة، وقال ابن السيد في (المثلث) البضع، بالفتح والكسر؛ ما بين واحد إلى خمسة في قول أبي عبيدة، وقال غيره: ما بين واحد إلى عشرة، وهو الصحيح وفي (الغريبين) للهروي: البضع والبضعة واحد، ومعناهما القطعة من العدد، زاد عياض، بكسر الباء فيهما وبفتحهما، وفي (العباب) قال أبو زيد: أقمت بضع سنين، بالفتح، وجلست في بقعة طيبة، وأقمت برهة كلها بالفتح. وهو ما بين الثلاث إلى التسع. وروى الأثرم عن أبي عبيدة: أن البضع ما بين الثلاث إلى الخمس. وتقول: بضع سنين وبضعة عشر رجلا، وبضع عشرة امرأة، فإذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا تقول: بضع وعشرون، وقيل: هذا غلط، بل يقال ذلك. وقال أبو زيد: يقال له بضعة وعشرون رجلا وبضع وعشرون امرأة، والبضع من العدد في الأصل غير محدود، وإنما صار مبهما لأنه بمعنى القطعة، والقطعة غير محدودة. قوله: (شعبة)، بضم الشين، وهي القطعة والفرقة، وهي واحدة الشعب، وهي أغصان الشجرة. قال ابن سيده: الشعبة الفرقة والطائفة من الشيء، ومنه شعب الآباء، وشعب القبائل، وشعبها الأربع، وواحد شعب القبائل شعب، بالفتح، وقيل: بالكسر، وهي العظام. وكذا شعب الإناء، صدعه بالفتح أيضا، وقال الخليل: الشعب الاجتماع والافتراق، أي: هما ضدان، والمراد بالشعبة في الحديث: الخصلة، أي: أن الإيمان ذو خصال متعددة. قوله: (والحياء) ممدودا، هو الاستحياء، واشتقاقه من الحياة. يقال: حيى الرجل، إذا انتقص حياته، وانتكس قوته، كما يقال: نسي نساه أي: العرق الذي في الفخذ، وحشي إذا اعتل حشاه، فمعنى الحي: المؤف من خوف المذمة، وقد حيى منه حياء واستحى واستحيى، حذفوا الياء الأخيرة كراهية التقاء الساكنين، والأخيران يتعديان بحرف وبغير حرف، يقولون: استحيى منك، واستحياك، ورجل حيي: ذو حياء، والأنثى بالتاء، والحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم، وقد يعرف أيضا بأنه انحصار النفس خوف ارتكاب القبائح.
(بيان الإعراب) قوله: (الإيمان) مبتدأ وخبره قوله: (بضع وستون شعبة). قال الكرماني: بضع، هكذا في بعض الأصول، وبضعه بالهاء في أكثرها، وقال بعضهم: وقع في بعض الروايات بضعة، بتاء التأنيث. قلت: الصواب مع الكرماني، وكذا قال بعض الشراح: كذا وقع هنا في بعض الأصول: بضع، وفي أكثرها:
بضعة، بالهاء، وأكثر الروايات في غير هذا الموضع بضع بلا هاء وهو الجاري على اللغة المشهورة، ورواية الهاء صحيحة أيضا على التأويل. قلت: لا شك أن بضعا للمؤنث، وبضعة للمذكر، وشعبة يؤنث فينبغي أن يقال: بضع، بلا هاء، ولكن لما جاءت الرواية: ببضعة يحتاج أن تؤول الشعبة، بالنوع إذا فسرت الشعبة: بالطائفة من الشيء، وبالخلق إذا فسرت بالخصلة والخلة. قوله: (والحياء) مبتدأ وخبره (شعبة) وقوله: (من الإيمان) في محل الرفع لأنها صفة: شعبة.