عمدة القاري - العيني - ج ١ - الصفحة ١٢١
هذه وإنما هذه الأشياء مبنية على الإسلام لأن الرجل ما لم يشهد لا يخاطب بهذه الأشياء الأربعة ولو قالها فإنا نحكم في الوقت بإسلامه ثم إذا أنكر حكما من هذه الأحكام المذكورة المبنية على الإسلام حكمنا ببطلان إسلامه إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد بيان أن الإسلام لا يتم إلا بهذه الأشياء ووجودها معه جعله مبنيا عليها ولهذا المعنى سوى بينها وبين الشهادة وإن كانت هي الإسلام بعينه وقال الكرماني حاصل كلامه أن المقصود من الحديث بيان كمال الإسلام وتمامه فلذلك ذكر هذه الأمور مع الشهادة لا نفس الإسلام وهو حسن لكن قوله ثم إذا أنكر حكما من هذه حكمنا ببطلان إسلامه ليس من البحث إذ البحث في فعل هذه الأمور وتركها لا في إنكارها وكيف وإنكار كل حكم من أحكام الإسلام موجب للكفر فلا معنى للتخصيص بهذه الأربعة قلت استدراك الكرماني لا وجه له فافهم * السادس ما قيل لم لم يذكر الإيمان بالأنبياء والملائكة وغير ذلك مما تضمنه سؤال جبريل عليه السلام أجيب بأن المراد بالشهادة تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به فيستلزم جميع ما ذكر من المعتقدات * السابع ما قيل لم لم يذكر فيه الجهاد أجيب بأنه لم يكن فرض وقيل لأنه من فروض الكفايات وتلك فرائض الأعيان قال الداودي لما فتحت مكة سقط فرض الجهاد على من يعد من الكفار وهو فرض على من يليهم وكان أولا فرضا على الأعيان وقيل هو مذهب ابن عمر رضي الله عنهما والثوري وابن شبرمة إلا أن ينزل العدو فيأمر الإمام بالجهاد وجاء في البخاري في هذا الحديث في التفسير أن رجلا قال لابن عمر ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد وفي بعضها في أوله أن رجلا قال لابن عمر ألا نغزو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بني الإسلام على خمس الحديث فهذا يدل على أن ابن عمر كان لا يرى فرضيته إما مطلقا كما نقل عنه أو في ذلك الوقت وجاء هنا بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وجاء في بعض طرقه على أن يوحد الله وفي أخرى على أن يعبد الله ويكفر بما دونه بدل الشهادة قال بعضهم جاءت الأولى على نقل اللفظ وما عداها على المعنى * وقد اختلف في هذه المسألة وهو جواز نقل الحديث بالمعنى من العالم بمواقع الألفاظ وتركيبها وأما من لا يعرف ذلك فلا خلاف في تحريمه عليه وجاء ههنا والحج وصوم رمضان بتقديم الحج وفي طريقين لمسلم وفي بعض الطرق بتقديم رمضان وفي بعضها فقال رجل الحج وصيام رمضان وقال ابن عمر لا صيام رمضان والحج هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم * واختلف الناس في الجمع بين الروايات فقال المازري تحمل مشاحة ابن عمر على أنه كان لا يرى رواية الحديث بالمعنى وإن أداه بلفظ يحتمل أو كان يرى الواو توجب الترتيب فتجب المحافظة على اللفظ لأنه قد تتعلق به أحكام وقيل أن ابن عمر رواه على الأمرين ولكنه لما رد عليه الرجل قال لا ترد على ما لا علم لك به كما رواه في أحدهما وقيل يحتمل أنه كان ناسيا للأخرى عند الإنكار ومنهم من قال الصواب تقديم الصوم والرواية الأخرى وهم لإنكار ابن عمر وزجره عند ذكرها واستضعف هذا بأنه يجر إلى توهين الرواية الصحيحة وطر واحتمال الفساد عند فتحه لأنا لو فتحنا هذا الباب لارتفع الوثوق بكثير من الروايات إلا القليل ولأن الروايتين في الصحيح ولا تنافي بينهما كما تقدم من جواز رواية الأمرين قال القاضي وقد يكون رد ابن عمر الرجل إلى تقديم رمضان لأن وجوب صوم رمضان نزل في السنة الثانية من الهجرة وفريضة الحج في سنة ست وقيل تسع بالمثناة فجاء لفظ ابن عمر على نسقها في التاريخ والله أعلم وقال ابن صلاح محافظة ابن عمر على ما سمعه حجة لمن قال بترتيب الواو قلت للجمهور أن يجيبوا عن ذلك بأن تقديم الصوم لتقدم زمنه كما ذكرناه وفي قوله واستضعف هذا إلى آخره نظر وقد وقع في رواية ابني عوانة في مستخرجه على مسلم عكس ما وقع في الصحيح وهو أن ابن عمر قال للرجل اجعل صيام رمضان آخرهن كما سمعت وأجاب عنه ابن صلاح بقوله لا تقاوم هذه رواية مسلم وقال النووي بأن القضية لرجلين فإن قلت ما تقول في الرواية التي اقتصرت على إحدى الشهادتين قلت إما اكتفاء بذكر إحداهما عن الأخرى لدلالتها عليها وإما لتقصير من الراوي فزاد عليه غيره فقبلت زيادته فافهم والرجل المردود عليه تقديمه الحج اسمه يزيد بن بشر السكسكي ذكره الخطيب في الأسماء المبهمة له 3 ((باب أمور الإيمان)) وقول الله تعالى: * (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»