شهادة مجرور لأنه بدل من قوله خمس بدل الكل من الكل ويجوز رفعه على أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي وهي شهادة أن لا إله إلا الله ويجوز نصبه على تقدير أعني شهادة أن لا إله إلا الله قوله أن بالفتح مخففة من المثقلة ولهذا عطف عليه وأن محمدا رسول الله قوله وإقام بالجر عطف على شهادة أن لا إله إلا الله وما بعده عطف عليه (بيان المعاني والبيان) قوله بني إنما طوى ذكر الفاعل لشهرته وفيه الاستعارة بالكناية لأنه شبه الإسلام بمبنى له دعائم فذكر المشبه وطوى ذكر المشبه به وذكر ما هو من خواص المشبه به وهو البناء ويسمى هذا استعارة ترشيحية ويجوز أن يكون استعارة تمثيلية بأن تمثل حالة الإسلام مع أركانه الخمسة بحالة خباء أقيمت على خمسة أعمدة وقطبها الذي تدور عليه الأركان هو شهادة أن لا إله إلا الله وبقية شعب الإيمان كالأوتاد للخباء ويجوز أن تكون الاستعارة تبعية بأن تقدر الاستعارة في بني والقرينة الإسلام شبه ثبات الإسلام واستقامته على هذه الأركان ببناء الخباء على الأعمدة الخمسة ثم تسري الاستعارة من المصدر إلى الفعل وقد علمت أن الاستعارة التبعية تقع أولا في المصادر ومتعلقات معاني الحروف ثم تسري في الأفعال والصفات والحروف والأظهر أن تكون استعارة مكنية بأن تكون الاستعارة في الإسلام والقرينة بني على التخيل بأن شبه الإسلام بالبيت ثم خيل كأنه بيت على المبالغة ثم أطلق الإسلام على ذلك المخيل ثم خيل له ما يلازم البيت المشبه به من البناء ثم أثبت له ما هو لازم البيت من البناء على الاستعارة التخييلية ثم نسب إليه ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة قوله وإقام الصلاة كناية عن الإتيان بها بشروطها وأركانها قوله وإيتاء الزكاة فيه شيئان أحدهما إطلاق الزكاة الذي هو في الأصل مصدر أو اسم مصدر على المال المخرج للمستحق والآخر حذف أحد المفعولين للعلم به لأن الإيتاء متعد إلى مفعولين والتقدير إيتاء الزكاة مستحقيها قوله والحج فيه حذف أيضا أي وحج البيت والألف واللام فيه بدل من المضاف إليه قوله وصوم رمضان فيه حذف أيضا أي وصوم شهر رمضان فإن قلت ما الإضافة فيهما قلت إضافة الحكم إلى سببه لأن سبب الحج البيت ولهذا لا يتكرر لعدم تكرر البيت والشهر يتكرر فيتكرر الصوم (بيان استنباط الأحكام) وهو على وجوه * الأول يفهم من ظاهر الحديث أن الشخص لا يكون مسلما عند ترك شيء منها لكن الإجماع منعقد على أن العبد لا يكفر بترك شيء منها وقتل تارك الصلاة عند الشافعي وأحمد إنما هو حدا لا كفرا وإن كان روي عن أحمد وبعض المالكية كفرا وقوله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة متعمدا فقد كفر محمول على الزجر والوعيد أو مؤول أي إذا كان مستحلا أو المراد كفران النعمة * الثاني أن هذه الأشياء الخمسة من فروض الأعيان لا تسقط بإقامة البعض عن الباقين * الثالث فيه جواز إطلاق رمضان من غير ذكر شهر خلافا لمن منع ذلك على ما يأتي إن شاء الله تعالى (الأسئلة والأجوبة) الأول ما قيل ما وجه الحصر في هذه الخمسة وأجيب بأن العبادة إما قولية وهي الشهادة أو غير قولية فهي إما تركي وهو الصوم أو فعلي وهو إما بدني وهو الصلاة أو مالي وهو الزكاة أو مركب منهما وهو الحج * الثاني ما قيل ما وجه الترتيب بينها وأجيب بأن الواو لا تدل على الترتيب ولكن الحكمة في الذكر أن الإيمان أصل للعبادات فتعين تقديمه ثم الصلاة لأنها عماد الدين ثم الزكاة لأنها قرينة الصلاة ثم الحج للتغليظات الواردة فيه ونحوها فبالضرورة يقع الصوم آخرا * الثالث ما قيل الإسلام هو الكلمة فقط ولهذا يحكم بإسلام من تلفظ بها فلم ذكر الأخوات معها وأجيب تعظيما لإخوانها وقال النووي حكم الإسلام في الظاهر يثبت بالشهادتين وإنما أضيف إليهما الصلاة ونحوها لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها وبقيامه بها يتم إسلامه وتركه لها يشعر بانحلال قيد انقياده أو اختلاله * الرابع ما قيل فعلي هذا التقدير الإسلام هو هذه الخمسة والمبني لا بد أن يكون غير المبني عليه وأجيب بأن الإسلام عبارة عن المجموع والمجموع غير كل واحد من أركانه * الخامس ما قيل الأربعة الأخيرة مبنية على الشهادة إذ لا يصح شيء منها إلا بعد الكلمة فالأربعة مبنية والشهادة مبني عليها فلا يجوز إدخالها في سلك واحد وأجيب بأنه لا محذور في أن يبنى أمر على أمر ثم الأمر أن يكون عليهما شيء آخر ويقال لا نسلم أن الأربعة مبنية على الكلمة بل صحتها موقوفة عليها وذلك غير معنى بناء الإسلام على الخمس وقال التيمي قوله بني الإسلام على خمس كان ظاهره أن الإسلام مبني على
(١٢٠)