من الأضغاث فمعناها إن كانت رؤيا حق وإن كانت بعد النبوة فلها ثلاثة معان أحدهما أن المراد إن تكن الرؤيا على وجهها وظاهرها لا تحتاج إلى تعبير وتفسير فسيمضه الله تعالى وينجزه فالشك عائد إلى أنها رؤيا على ظاهرها أم تحتاج إلى تعبير وصرف على ظاهرها الثاني أن المراد إن كانت هذه الزوجة في الدنيا يمضها الله فالشك أنها زوجته في الدنيا أم في الجنة الثالث أنه لم يشك ولكن أخبر على التحقيق وأتى بصورة الشك كما قال أأنت أم أم سالم وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة يسمونه تجاهل العارف وسماه بعضهم مزج الشك باليقين قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة (إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى إلى قولها يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك) قال القاضي مغاضبة عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم هي مما سبق من الغيرة التي عفى عنها للنساء في كثير من الأحكام كما سبق لعدم انفكاكهن منها حتى قال مالك وغيره من علماء المدينة يسقط عنها الحد إذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة قال واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما تدري الغيراء أعلى الوادي من أسفله ولولا ذلك لكان على عائشة في ذلك من الحرج ما فيه لأن الغضب على النبي صلى الله عليه وسلم وهجره كبيرة عظيمة ولهذا قالت لا أهجر إلا اسمك فدل على أن قلبها وحبها كما كان وإنما الغيرة في النساء لفرط المحبة قال القاضي واستدل بعضهم بهذا أن الاسم غير المسمى في المخلوقين وأما في حق الله تعالى فالاسم هو المسمى قال القاضي وهذا كلام من لا تحقيق
(٢٠٣)