دراسات في علم الدراية - علي أكبر غفاري - الصفحة ١١
رابعها: الحديث وهو لغة - على ما في مجمع البحرين -: " ما يرادف الكلام، قال: وسمي به لتجدده وحدوثه شيئا فشيئا - انتهى ". وعليه فالحديث فعيل من الحدث بمعنى وجود الشئ بعدما كان معدوما، ضد القديم، ولكن ظاهر المصباح (1) أنه لغة ما يتحدث به وينقل. قال: " الحديث ما يتحدث به وينقل، ومنه حديث رسول الله صلى الله عليه وآله - انتهى ". فإن ظاهره، وجود معنى لغوي له قد اخذ منه المعنى الاصطلاحي.
وعن ابن حجر في شرح البخاري: " وأن المراد بالحديث في عرف الشرع ما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله، وكأنه أريد به مقابلة القرآن لأنه قديم بالنسبة إليه ". وذكر جمع من أصحابنا أن الحديث في الاصطلاح هو ما يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره. وعلى كل حال فجمعه على أحاديث شاذ، قاله في القاموس.
وربما عرفه بعضهم بأنه قول المعصوم أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره، ليدخل فيه أصل الكلام المسموع عن المعصوم، والأنسب بقاعدة النقل هو عدم الدخول، لكون كلامه عليه السلام في الأغلب أمرا أو نهيا، بخلاف حكايته عنه عليه السلام، فإنه دائما إخبار، ونفس الكلام المسموع هو الذي يسمونه بالمتن ومتن الحديث مغاير لنفسه كما ذكره.
وكيف كان فقد وقع الخلاف في المعنى الاصطلاحي له وللخبر على أقوال:
الأول: أنهما مترادفان وأنهما يشملان ما إذا كان المخبر به قول الرسول صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام أو الصحابي أو التابعي أو غيرهم من العلماء والصلحاء وغيرهم من بقية بني آدم، وفي معناه فعلهم وتقريرهم.
الثاني: أن الحديث أخص من الخبر، وأن الخبر عام لقول كل إنسان، والحديث خاص بقول النبي صلى الله عليه وآله وغيره ممن ذكر، فكل حديث خبر وليس كل خبر بحديث.
وقال في التكملة: (2) " إنه يطلق لفظ الأخباري في لسان أهل الحديث من

(1) لأحمد بن محمد بن علي المقرى الفيومي المتوفى 770 وهو مصباح المنير في غريب الشرح الكبير.
(2) أي تكملة رجال أبى على الموسوم بمنتهى المقال للمولى درويش على الحائري.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»