تلخيص المقباس في علم الدراية بسم الله الرحمن الرحيم وفيه مقدمة وفصول وخاتمة:
أما المقدمة ففي بيان حقيقته وموضوعه وغايته:
أما الأول: فهو أن الدراية في اللغة، هو العلم، كما صرح به جمع كثير من أهل اللغة، يقال: دريته: علمته، ومنه دريت به أدري دريا ودرية - بفتح الدالين - كما هو المشهور بينهم.
وعن الصاغاني (1) دريته دريا - بضم الدال وكسر الراء وتشديد الياء - على وزن حلي، وصريح أكثر أهل اللغة ترادف العلم والدراية.
وعن التوشيح (2) وغيره أن الدراية أخص من العلم، ولعله لما عن أبي علي (3) من أن درى يكون فيما سبقه شك، أو لما قيل من أن درى يستعمل بمعنى العلم بضرب من الحيلة، وعلى التقديرين فلا يطلق على الله تعالى، لعدم تعلق سبق الشك ولا الحيلة منه تعالى.
ويعدى بالهمزة فيقال: أدراه به: أعلمه، ومنه قوله تعالى: " ولا أدراكم به ".
وكيف كان، فأصل الدراية العلم مطلقا أو بعد الشك، ونقل هنا إلى علم أصول الحديث وخص به اصطلاحا ولذلك ساغ بعد صيرورته علما لهذا العلم إضافة العلم إليه، وإلا لكان من إضافة الشئ إلى نفسه.
وقد عرف في الاصطلاح بأنه علم يبحث فيه عن متن الحديث وسنده وطرقه من صحيحها وسقيمها وعليلها وما يحتاج إليه ليعرف المقبول منه والمردود، عرفه به الشهيد الثاني (ره) في بداية الدراية، وعرفه شيخنا البهائي (ره) في الوجيزة بأنه علم يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه وكيفية تحمله، وآداب نقله.