أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٣٨
ونحن على أي حال لا نملك تقديرا صحيحا لعدد كل فئة من شيعته، ومواليه، عند خروجه من مكة.
وقال أبو مخنف:
(.. لما خرج الحسين من مكة اعترضه رسل عمرو بن سعيد بن العاص عليهم يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف أين تذهب! فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان، فاضطربوا بالسياط، ثم إن الحسين وأصحابه امتنعوا امتناعا قويا، ومضى الحسين عليه السلام على وجهه) (1).
وقال الدينوري:
(.. ولما خرج الحسين اعترضه صاحب شرطة أميرها عمرو بن سعيد بن العاص في جماعة من الجند، فقال: إن الأمير يأمرك بالانصراف، فانصرف، وإلا منعتك، فامتنع الحسين، وتدافع الفريقان، واضطربوا بالسياط. وبلغ ذلك عمرو بن سعيد، فخاف أن يتفاقم الامر، فأرسل إلى صاحب شرطته يأمره بالانصراف) (2).
وإذن، فقد بذلت محاولة رسمية، تتسم بالعنف، للحيلولة بين الحسين وبين (الخروج) من مكة، ولكنها باءت بالفشل (3).

(1) الطبري: 5 / 385.
(2) الاخبار الطوال: 244.
(3) كلمة (خرج) لا تعني مجرد المغادرة، لأنها اكتسبت منذ انشقاق (الخوارج) على الإمام علي في صفين مدلولا رافضا تمرديا ذا نكهة خاصة، لم يكن محبوبا في العراق بوجه خاص، وقد حاول رجال النظام اسباغ هذا المفهوم على ثورة الحسين منذ بداية المواجهة، فعبيد الله بن زياد - على سبيل المثال - في أول خطبة خطبها في الكوفة، بعد وصوله إليها من البصرة، يطلب إلى موظفي الإدارة الحكومية في الكوفة أن يكتبوا له من في عشائرهم، من الحرورية وأهل الريب (الطبري: 5 / 359) والحرورية - كما نعلم اسم ثان للخوارج أطلق عليهم منذ معركة حروراء. ويقول ابن زياد لهاني بن عروة بعد القبض عليه وضربه، حين أراد أن يستولي على سلاح أحد الشرطة ليدافع عن نفسه: (أحروري سائر اليوم، أحللت بنفسك، قد حل لنا قتلك - الطبري: 5 / 367).
وقد عرض العلامة الدكتور أسعد علي معنى للخروج في محاضرة ألقاها في قاعة الجمعية الخيرية الثقافية في الشياح بمناسبة عاشوراء وذلك مساء يوم الاثنين - 20 / 1 / 1975، وذلك عند الحديث عن كتاب الإمام الحسين إلى أخيه محمد بن الحنفية، وفيه (إني لم أخرج أشرا، ولا بطرا.. وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي..) قال الدكتور أسعد علي في محاضرته: (فالخروج يعني تجاوز القول إلى الفعل، عبر عن هذا التجاوز التنفيذي بفعل وصل فيه فاعله، وبصيغة التقرير الذي يؤكد ما حصل فعلا: (خرجت)).
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 37 38 39 40 41 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة