أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٤٠
الاعراب لأنهم ظنوا أنه يأتي بلدا قد استقامت له طاعة أهله، فكره أن يسيروا معه إلا وهم يعلمون علام يقدمون، وقد علم أنهم إذا بين لهم لم يصحبه إلا من يريد مواساته والموت معه) (1) وقال الدينوري:
(وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق فلما سمعوا خبر مسلم، وقد كانوا ظنوا أنه يقدم على أنصار وعضد، تفرقوا عنه، ولم يبق معه إلا خاصته) (2).
وإذن فقد بقي رجال الثورة الحقيقيون وحدهم بعد أن انجلى الموقف وتبين المصير.

(١) الطبري: ٥ / ٣٩٨ ٣٩٩، وابن الأثير: ٣ / ٢٧٨.
(٢) الاخبار الطوال: ٢٤٨. ويبدو أنه قد كان يسود في تلك الأيام، حتى في أوساط الخاصة من الناس، الاعتقاد بأن أمر الخلافة سيصير إلى العلويين أو - إلى الهاشميين بوجه عام، ففي حديث لبطة بن الفرزدق الشاعر أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال له حين أخبره لبطة بلقائه للحسين حين خروجه من مكة: (ويلك، فهلا اتبعته، فوالله ليملكن ولا يجوز السلاح فيه ولا في أصحابه. قال (لبطة). فهممت والله أن الحق به، ووقع في قلبي مقالته، ثم ذكرت الأنبياء وقتلهم فصدني ذلك عن اللحاق بهم. قال: وكان أهل ذلك الزمان يقولون ذلك الامر وينتظرونه في كل يوم وليلة. قال: وكان عبد الله بن عمرو يقول: لا تبلغ الشجرة ولا النخلة ولا الصغير حتى يظهر هذا الامر - الطبري: ٥ / ٣٨٦ ٣٨٧). نلاحظ أن داعي الاتباع هو الأمل في أن يملك الحسين. ولعل كثيرين من هؤلاء الذين اتبعوه من الاعراب قد تأثروا في اتباعهم له بهذا الاعتقاد: أنه لا بد أن يملك، وأنه (لا يجوز السلاح فيه وفي أصحابه) فلما اكتشفوا - نتيجة لمقتل من أخبر الحسين بأنهم قتلوا - أن السلاح يجوز في أصحابه، تفرقوا عنه.
وهذا الخبر مروي في مقتل الخوارزمي (١ / ٢٢٢) بصورة أخرى، وفيه: (أما أنه لا يحيك فيه السلاح).
ونعتقد أنه قد سقطت من الخبر في الروايتين بعض الحلقات الهامة التي تصور بعض الاعتقادات الشعبية في ذلك الحين، وتأثير العامل السحري في مواقف الناس.
وقد عاش لبطة ابن الفرزدق حتى خرج علي أبي جعفر لمنصور مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن (قتيل باخمرى) وجعله إبراهيم من قواده، وقد قتل بعد مقتل إبراهيم - مقاتل الطالبيين: ٣٦٩.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 37 38 39 40 41 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة