أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٣٣
باعتبارهم هاشميين (يلاحظ أنه لم يشترك فيها أحد من بني العباس)، وهم يعلمون أنهم مدينون للثورة بالكثير من الأوضاع والعوامل التي أوصلتهم إلى السلطة، بل لقد كانت روحها وشعاراتها وذكرياتها من العوامل المباشرة في ذلك. مع هذا كله نرى أنهم كانوا يقفون منها موقفا سلبيا، لأنهم كانوا يعلمون أن ذكرياتها وايحاءاتها يمكن أن تكون خطرا عليهم من حيث نظرة الناس إلى شرعية توليهم للسلطة، وذلك بما تدعو إليه من إعطاء السلطة لآل علي من بني هاشم، وتتضح أسباب حذر العباسيين من الثورة الحسينية بصورة أكثر إذا لا حظنا أن تحركات الحسنيين الثورية لم تنقطع بعد استقرار دولة بني العباس.
كان لابد من هذه الكلمة عن كتب المقتل، ليتبين الوضع الحقيقي لهذه الكتب من حيث صلاحها لتكون مصادر تاريخية لهذه الثورة. وهي كلمة لا تفي بما يجب أن تناله هذه الكتب عناية، فكتب المقتل تصلح أن تكون موضوعا لدراسة علمية واسعة وعميقة تشتمل على تاريخ نشوء هذا النوع من كتابة التاريخ، وتطوره، ومنهجه، ومحتوياته، ونوعيات المؤلفين، والأسلوب الذي كتب به، وتطور هذا الأسلوب خلال العصور، وعلاقة هذا الأسلوب بلغة الكتابة في المجالات الأخرى، واللغات التي كتبت بها (العربية، والفارسية، والتركية، والأردية، وغيرها) والمحتوى الشعري لهذه الكتب التي بدأت - فيما نحسب - بأبي مخنف ولم تنته بعد، فالكتابة في مقتل الحسين كانت ولا تزال موضوعا يثير الرغبة لدى الكثيرين، ولذا فإن الدارس لهذا الموضوع سيجد مادة غنية وغزيرة ومتنوعة لبحثه ممتدة في جميع العصور الاسلامية ومنتشرة في
(٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة