على هؤلاء. أو كان على الأقل يدفعهم إلى الحذر في نقل صورة الاحداث كما يعكسها نساء الثوار وأبناؤهم وأصحابهم.
كما أن مؤلفي كتب التاريخ العام كانوا، غالبا، على اتصال بالسلطان، أو أنهم يؤيدون وضعا سياسيا يتعارض مع مضمون الثورة، وربما ينسجم بشكل أو بآخر مع وضع جلاديها، فلم يكونوا، بطبيعة الحال قادرين، أولم يكونوا يريدون تسجيل الاحداث من وجهة نظر مصادر الثائرين أنفسهم - هذه المصادر قد اتصل بها رواة من الشيعة، رجال ونساء، كان تشيعهم حافزا لهم على تقصي كل تفصيل دقيق وكل حادث كبير يتصل بالثائرين وإنجازهم في كربلاء. على أننا نبادر، مع ذلك، فنقول إنه حتى هؤلاء لم ينقلوا كل ما حدث، فلقد ضاع الكثير، وطمس الكثير.
من نماذج ذلك رواية عمار الدهني (1) عن الإمام الباقر أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، وقد أوردها الطبري. فهي رواية نعتقد أن عمارا أو من بعده من الرواة قد تلاعبوا فيها، فأضافوا إليها بعض الأفكار التي ترضي السلطة (مثلا: أن الحسين طلب أثناء مفاوضته مع عمر بن سعد أن يرسله إلى يزيد بن معاوية يضع يده في يده ويرى فيه رأيه) وحذفوا منها، واختصروا بعض المعالم الرئيسة فيها، كما لا يبعد أن يكون الطبري نفسه قد تسامح في إثبات بعض أجزائها (2).