أمان الأمة من الإختلاف - الشيخ لطف الله الصافي - الصفحة ٤٣
فكتب إلى عماله ان الحديث في عثمان قد جهر وفشا في كل مصر وكل وجه وناحية، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب الا واتوني بمناقض له في الصحابة، فان هذا أحب إلي وأقر لعيني وأدحض لحجة أبى تراب وشيعته وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله.
فقرئت كتبه على الناس، فرويت أحاديث كثيرة في مناقب الصحابة مختلقة لا حقيقة لها، وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر، وألقى إلى معلمي الكتاب فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن، وحتى علموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة، وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤن والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويقربوا في مجالسهم ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل، حتى انتقلت تلك الأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان، فقبلوها ورووها وهم يظنون أنها حق، ولو علموا أنها باطل لما رووها ولا تدينوا بها.
فلم يزل الامر كذلك حتى قتل الحسن بن علي عليه السلام بالسم
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»