لعلو إسناده على ظهر النبي القدم، الشافي بكلامه المعجز كل مرض وسقم، مطهر، بيت الله عن كل وثن وصنم، مفجر ينابيع الحكم، ممضي عزائم الهمم، محيي دوارس الرمم، صلاة دائمة باقية ما ظهرت أسرار الوجود عن خبايا العدم، متلاحقة متتالية لا تكتمل بالعمم.
أما بعد فإن أحق الفضائل وأولاها، وأزهر العقائل وأسناها هو العلم الذي يتضاءل عنده رأس كل عز وفخر، ويتطأطأ عند عظمته تليع عنق الدهر، ويضمحل في حذائه كل نور وينكسف، وينمحي في أزائه كل ضياء وينخسف، فلا مجد إلا وهو ذروته وسنامه، ولا شرف إلا وهو يمينه وحسامه، ماقرطا؟؟؟ مادية بأعلى منه وأغلى، ولا المسك الأذفر والعنبر الأشهب بأطيب منه وأذكى، بيد أن له أفانين وفنون، وعساليج (1) وغصون، وإن من أجل العلوم شأنا، وأعلاها مكانا، وأرجحها ميزانا، وأكملها تبيانا، علم الحديث، فله من بينها الرتبة الأعلى، والمنزلة القصوى، وكفى له علوا وامتيازا، وسمو واعتزازا، أنه يرى منازل كانت مهبط جبرئيل، ويعرض وجوها نطق في ثنائهم الكتاب الجميل، ويوصل إلى مربع محفوف بالتقديس والتهليل، وينظم في عقد منظوم من جواهر معادن الوحي والتنزيل، ويشد بجبل ممدود يصل إلى الله الجليل.
ولهذا أهتم بشأنه العلماء وأتعبوا أبدانهم، وأسهروا أجفانهم، وتجرعوا لنيله غصص النوى، وباتوا وفي أحشائهم تتقدنا الجوى، وخاضوا لأجله لجج الدأماء، وجزعوا المنفق البيداء حتى فازوا بالمراد، وأصبحوا زعماء البلاد، ومناهج الرشاد، وهداة العباد، ومنهم العالم الثقة الجليل، والكامل البارع النبيل محرز خصل السبق في مضمار التحقيق، وحائز قصب السبق في سباق التدقيق، مطلع نيري الفروع والأصول، وملتقى بحري المعقول والمنقول، السيد النبيه أبو المعالي شهاب الدين بن محمود الحسيني المرعشي النجفي، وفقه الله لمراضيه، وجعل مستقبله خيرا من ماضيه، فإنه دام علاه، استجازني طلبا .