إفحام الأعداء والخصوم - السيد ناصر حسين الهندي - الصفحة ٢١
العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأتها من بابها.
وفي الجامعة الكبرى.. بدأ يلتمع نجمه.. ويتبع إشراقة كوكبه.. وأصبح له صوت يدوي، وشخص يشار إليه بالبنان، وتتلمذ على الفحول من أساتذة الفقه والأصول، وشيوخ العلم والأدب وأعلام الدين دائمة العلم.
لم يكتف المترجم له.. من معهده بتلقي الدروس، واكتناز المعارف فحسب، وأنما دفعته ملكاته القوية، وسليقته المطبوعة على البحث والتتبع والمطالعة، وانتهى به المطاف أن وفق بين العلم والفن، والجمع بينهما بصورة مدهشة، وبعد سنين مضت عاد إلى وطنه وقد استوفى حظه السعيد، من الثقافة الإسلامية العالية ترتسم عليها قوة البيان، وسعة الذهن وذرابة اللسان، والميزة الفطرية في ناحيتي العقل والفكر.
عاد إلى وطنه، وأمته وبيئته على يقين صادق، أنه زعيمها وقائدها الذي ترجوه لدينها ودنياها معا، وراح يعمل حسب رسالته آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، ويرتقي أعواد المنابر ويلقي على القلوب إرشاداته البارعة، وعلى النفوس مواعظه النابهة. وعلى العقول كلماته الموقظة، وكان لها الأثر البالغ في تحقيق إصلاحه المنشود، لأن خطاباته ومحاضراته كتصانيفه وكتاباته تستمد من منبع واحد من ثقافته كلها، وتنحدر كالسيف من مهب معرفته، ومعلوماته الواسعة، فإذا سمعته أو قرأته وجدت مصادرها واحدة، ومنابعها متحدة ومتوافقة.
حياته العلمية:
لا أحسب في خلال عمر السيد ناصر حسين.. رضي الله عنه.. توجد لحظة أو فترة ذهبت سدى، أو راحت ولم يترك فيها أثرا فكريا، أو خطوة علمية، لذلك لو عددنا أوراق تآليفه وتتبعنا صفحات مصنفاته، وجدناها تربو بكثير على أيام عمره وساعاته الحافلة بالجهاد العلمي الذي ترتسم على كل أفق من آفاق هذا العالم الإسلامي.. فكان من الرجال المعدودين الذين امتازوا في التاريخ الإسلامي بمواهب وعبقريات دفعتهم إلى الأوج الأعلى والقمة الشاهقة من
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»