يخرج إلى الصلاة فأخذنا ما تقدم فاجتمعنا ببابه نتكلم ليسمع كلامنا ويعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا الوقوف ولم يخرج إلينا، قال: فقلنا قد علم رسول الله، مكانكم ولو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرقوا لا تؤذوه، فتفرق الناس غير عمر بن الخطاب يتنحنح ويتكلم ويستأذن حتى أذن له رسول الله (ص) قال عمر: فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة، فقلت: أي نبي الله بأبي أنت وأمي ما الذي رابك وما لقي الناس بعدك من فقدهم لرؤيتك فقال:
يا عمر يسألنني أولا ما ليس عندي، يعني نساءه، فذاك الذي بلغ مني ما ترى.
فقلت: يا نبي الله قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها بالأرض، لأنها سألتني ما لا أقدر عليه، وأنت يا رسول الله (ص) على موعد من ربك وهو جاعل بعد العسر يسرا قال: فلم أزل أكلمه حتى رأيت رسول الله (ص) قد تحلل عنه بعض ذلك (1).
وقال أحمد بن حنبل الشيباني في المسند: حدثنا عبد الملك بن عمر وأبو عامر، قال: حدثنا زكريا يعني ابن إسحاق عن أبي الزبير عن جابر قال: أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله (ص) والنساء ببابه جلوس فلم يؤذن له ثم أقبل عمر فأستأذن فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر فدخلا والنبي (ص) جالس وحوله نسائه وهو ساكت فقال عمر رضي الله عنه: لأكلمن النبي (ص) لعل. يضحك فقال عمر: يا رسول الله، لو رأيت بنت زيد امرأة عمر فسألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها، فضحك النبي (ص) حتى بدا نواجذه قال: هن حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام أبو بكر رضي الله عنه، إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة كذلك وكلاهما يقولان: تسألان رسول الله (ص) ما ليس عنده فنهاهما رسول الله (ص) فقلن نسائه: والله لا نسأل رسول الله (ص) بعد هذا المجلس ما ليس عنده (2)