أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٦٢
ابن الزبير: ورحم الله الزبير، فتبسم الحسن، فقال أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب: دع عنك عليا والزبير إن عليا دعا إلى أمر فاتبع، وكان فيه رأسا، ودعا الزبير على عقبيه، وأدبر امرأة، فلما تراءت الفئتان، والتقى الجمعان نكص الزبير على عقبيه، وأدبر منهزما قبل أن يظهر الحق فيأخذه، أو يدحض الباطل فيتركه، فأدركه رجل لو قيس ببعض أعضائه لكان أصغر من شبره، فضرب عنقه، وأخذ سلبه، وجاء برأسه، ومضى علي قدما كعادته مع ابن عمه ونبيه صلى الله عليه وآله، فرحم الله عليا ولا رحم الزبير، فقال ابن الزبير: أما والله لو أن غيرك تكلم بهذا يا أبا سعيد! لعلم، قال: إن الذي تعرض به يرغب عنك. وأخبرت عائشة بمقالتهما، فمر أبو سعيد بفنائها، فنادته يا أحول! يا خبيث! أنت القائل لابن أختي كذا وكذا!؟ فالتفت أبو سعيد فلم ير شيئا، فقال: إن الشيطان ليراك من حيث لا تراه، فضحكت عائشة، وقالت: لله أبوك! ما أخبث لسانك!
في هذه القصة أراد معاوية أن يغري بين الحسن وابن الزبير، كما كان يفعل أبدا مع سروات قريش من إغراء بعضهم على بعض، وأصاب كيده هنا مقتل ابن الزبير، وسلم من الحسن لادراكه مرمى معاوية من وراء سؤاله، أما أم المؤمنين، فكانت كعادتها أبدا متحفزة للدفاع عن ذوي قرباها، ومهاجمة مناوئيهم.
ومن نوادر حديثها أيضا ما في مسند أحمد (239) قال: جاء عمار ومعه الأشتر يستأذن على عائشة، قال: يا أمه! فقالت: لست لك بأم! قال: بلى، وإن كرهت، قالت: من هذا معك؟ قالك هذا الأشتر، قالت: أنت الذي أردت قتل ابن أختي؟ قال: قد أردت قتله، وأراد قتلي، قالت: أما لو قتلته ما أفلحت أبدا! سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا يحل دم امرئ مسلم إلا إحدى ثلاثة: رجل قتل فقتل، أو زنى بعدما أحصن، أو رجل ارتد بعد إسلامه.

(239) مسند أحمد 6 / 205 و 58 عن عمرو بن غالب.
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»