أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٧٣
فادعوا الله له، واختلق معاوية كتابا من قيس بن سعد، فقرأه على أهل الشام، وهو:
" بسم الله الرحمن الرحيم: للأمير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد: سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإن قتل عثمان كان حدثا في الاسلام عظيما، وقد نظرت لنفسي وديني، فلم أر يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برا تقيا، فنستغفر الله عز وجل لذنوبنا، ونسأله العصمة لديننا، ألا وإني قد ألقيت إليكم بالسلام (*) وإني أجبتك إلى قتال قتلة عثمان (رض)، إمام الهدى المظلوم، فعول علي فيما أحببت من الأموال، والرجال أعجل عليك والسلام " (263).
هكذا كان معاوية لا يتحرج من الكذب والاختلاق فيما فيه تأييد لسياسته، ويوم امتد سلطانه وعم البلاد والعباد، وازدادت حاجته إلى الوضع والاختلاق، استمد في ذلك من غيره.
وفي هذه الحرب حرب الدعاية، ومسابقة وضع الحديث لذم جماعة ومدح آخرين استجاب لمعاوية جماعة من الصحابة نظراء المغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، وسمرة بن جندب، وأبي هريرة من طلاب الامرة، والمال ممن كان في دينه رقة، وفي نفسه ضعف.
روى ابن أبي الحديد (264) عن أبي جعفر الإسكافي وقال: إن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (ع) تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه.. منهم أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين عروة بن الزبير، روى الزهري: أن عروة بن الزبير حدثه قال:

* السلم: الاستسلام.
(263) الطبري: 5 / 229 230، وشرح النهج 2 / 24 واللفظ له، والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 1 / 101، وأشار إليه ابن الأثير في 3 / 116.
(264) شرح النهج، ط. مصر الأولى 1 / 358.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»