أيها الناس! قد بلغنا مقالة ابن الزبير في أبي، وقوله فيه: إنه قتل عثمان.
وأنتم يا معشر المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين علمتم بقول الزبير في عثمان، وما كان اسمه عنده، وما كان يتجنى عليه.
وإن طلحة يومذاك راكز رايته على بيت ماله، وهو حي، فأنى لهم أن يرموا أبي بقته وينطقوا بذمه، ولو شئنا القول فيهم لقلنا.
وأما قوله: إن عليا أبتز الناس أمرهم، فإن أعظم حجة لأبيه زعم أنه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه، فقد أقر بالبيعة وادعى الوليجة فليأت على ما ادعاه ببرهان، وأنى له ذلك.
وأما تعجبه من تورد أهل الكوفة على أهل البصرة، فما عجبه من أهل حق توردوا على أهل باطل.
أما أنصار عثمان فليس لنا معهم حرب ولا قتال، ولكننا نحارب راكبة الجمل وأتباعها (219).
ولما رجعت رسل علي (ع) من عند طلحة والزبير وعائشة يؤذنونه بالحرب (220)، قام فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال: أيها الناس! إني قد راقبت هؤلاء القوم كي يرعووا أو يرجعوا، ووبختهم بنكثهم، وعرفتهم بغيهم، فلم يستحيوا، وقد بعثوا إلي أن أبرز للطعان، واصبر للجلاد، وإنما تمنيك نفسك أماني الباطل، وتعدك الغرور، ألا هبلتم الهبول (*) لقد كنت وما أهدد بالحرب، ولا أرهب بالضرب! ولقد أنصف القارة من راماها (*) فليرعدوا وليبرقوا، فقد رأوني قديما وعرفوا نكايتي، فكيف رأوني!
هبلتهم الهبول: ثكلتهم الثواكل من النساء.
(*) القارة من بني الهون بن خزيمة بن مدركة بن الياس، أخو بني أسد وكانوا حلفاء لبني زهرة (*)