وأخرج في حديث آخر (97) وقال: كتب أهل المدينة إلى عثمان يدعونه إلى التوبة، ويحتجون ويقسمون له بالله لا يمسكون عنه أبدا حتى يقتلوه أو يعطيهم ما يلزمه من حق الله، فلما خاف القتل شاور نصحاءه وأهل بيته، فقال لهم: قد صنع القوم ما قد رأيتم فما المخرج؟ فأشاروا عليه أن يرسل إلى علي بن أبي طالب فيطلب إليه أن يردهم عنه ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى يأتيه امداده.
فقال: إن القوم لن يقبلوا التعليل وهم محملي عهدا وقد كان مني في قدمتهم الأولى ما كان، فمتى أعطهم ذلك يسألوني الوفاء به.
فقال مروان بن الحكم: يا أمير المؤمنين! مقاربتهم حتى تقوى أمثل من مكاثرتهم على القرب، فأعطهم ما سألوك، وطاولهم ما طاولوك فإنما هم بغوا عليك فلا عهد لهم، فأرسل إلى علي فدعاه فلما جاءه قال:
يا أبا الحسن! إنه قد كان من الناس ما قد رأيت وكان مني ما قد علمت، ولست آمنهم على قتلي، فارددهم عني، فان لهم الله عز وجل أن أعتبهم من كل ما يكرهون، وأن أعطيهم من نفسي ومن غيري وإن كان في ذلك سفك دمي. فقال له علي: الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك، وإني لأرى قوما لا يرضون إلا بالرضا وقد كنت أعطيتهم في قدمتهم الأولى عهدا من الله لترجعهن عن جميع ما نقموا، فرددتهم عنك، ثم لم تف لهم بشئ من ذلك، فلا تغرني هذه المرة من شئ، فاني معطيهم عليك الحق.
قال: نعم، فأعطهم فوالله لأفين لهم.
فخرج علي إلى الناس فقال: أيها الناس! إنكم إنما طلبتم الحق فقد أعطيتموه إن عثمان زعم أنه منصفكم من نفسه ومن غيره، وراجع عن جميع ما تكرهون، فاقبلوا منه ووكدوا عليه.