قال الناس: قد قبلنا. فاستوثق منه لنا فإنا والله لا نرضى بقول دون فعل.
فقال لهم علي: ذلك لكم، ثم دخل عليه فأخبره الخبر.
فقال عثمان: اضرب بيني وبينهم أجلا يكون لي فيه مهلة فاني لا أقدر على رد ما كرهوا في يوم واحد.
قال علي: ما حضر بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك.
قال: نعم، ولكن أجلني في ما بالمدينة ثلاثة أيام.
قال علي: نعم. فخرج إلى الناس فأخبرهم بذلك، وكتب بينهم وبين عثمان كتابا أجله فيه ثلاثا على أن يرد كل مظلمة، ويعزل كل عامل كرهوه، ثم أخذ عليه في الكتاب أعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه من عهد وميثاق، وأشهد عليه ناسا من وجوه المهاجرين والأنصار، فكف المسلمون عنه ورجعوا إلى أن يفي لهم بما أعطاهم من نفسه، فجعل يتأهب للقتال ويستعد بالسلاح، وقد كان اتخذ جندا عظيما من رقيق الخمس، فلما مضت الأيام الثلاثة وهو على حاله لم يغير شيئا مما كرهوه، ولم يعزل عاملا، ثار به الناس، وخرج عمرو بن حزم الأنصاري حتى أتى المصريين وهم بذي خشب فأخبرهم الخبر وسار معهم حتى قدموا المدينة فأرسلوا إلى عثمان:
ألم نفارقك على أنك تائب من احداثك، وراجع عما كرهنا منك وأعطيتنا على ذلك عهد الله وميثاقه؟
قال: بلى أنا على ذلك.
قالوا: فما هذا الكتاب الذي وجدنا مع رسولك وكتبت به إلى عاملك؟!
قال: ما فعلت ولا لي علم بما تقولون!
قالوا: بريدك على جملك، وكتابك كاتبك عليه خاتمك!
قال: أما الجمل فمسروق، وقد يشبه الخط الخط، وأما الخاتم فقد انتقش عليه.
قالوا: فانا لا نعجل عليك وإن كنا قد اتهمناك، اعزل عنا عمالك