جلساؤه، كأن على رؤوسهم الطير. فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده الحديث. من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ. حديثهم عنده حديث أولهم. يضحك مما يضحكون منه. ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه، حتى إن كان أصحابه يستجلبونهم (1)، ويقول: إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه. ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز فيقطعه بنهي أو قيام.
قال: فسألته (عليه السلام) عن سكوت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال (عليه السلام): كان سكوته على أربع: على الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكير. فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى. وجمع له الحلم والصبر، فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسن ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده الرأي في صلاح أمته، والقيام فيما جمع له (2) خير الدنيا والآخرة (3).
أقول: ورواه في مكارم الأخلاق (4) نقلا من كتاب محمد بن إسحاق بن إبراهيم الطالقاني بروايته عن ثقاته. عن الحسن والحسين (عليهما السلام).
قال في البحار: وهذا الخبر من الأخبار المشهورة روته العامة في أكثر كتبهم (5).
18 - وعن الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أنس بن مالك، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أزهر اللون، كأن لونه اللؤلؤ، وإذا مشى تكفأ، وما شممت رائحة مسك ولا عنبر أطيب من رائحته، ولا مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله (صلى الله عليه وآله) (6) الخبر.