الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٥٨
الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، وأي اشتراكي. يكون هكذا؟ نعوذ بالله من السفاسف أضف إلى كلمة الإمام قول ولده الإمام الزكي السبط المجتبى أبي محمد الحسن لأبي ذر: قد أتى من القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، واصبر حتى تلقى نبيك وهو عنك راض. راجع ص 301.
فترى الإمام المعصوم يتذمر مما أصاب أبا ذر من القوم ويأمره بالصبر المقابل بالأجر الجزيل، وأنه سيلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عنه راض، وهل تجد توفيقا بين الرسول ومعتقد الإمام المجتبى وبين الشيوعية؟ ذلك المعول الهدام لأساس دين المصطفى وسنة الله التي لن تجد لها تحويلا.
واشفع الكلمتين بقول الإمام السبط الشهيد أبي عبد الله لأبي ذر: قد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فاسأل الله الصبر والنصر.
وهذه الكلمة لدة كلمات أبيه وأخيه صلوات الله عليهم في المصارحة بأن دعوة أبي ذر كانت دينية ولم يكن فيها أي شذوذ، ودعوة مناوئيه دنيوية، والمرجع في الإفراج عنه إزاء ما انتابه من المحن هو الله، لرضاه سبحانه بدعوة المنكوب وسخطه على من نال منه، ولا يحسب عاقل إن شيئا من ذلك يلتأم مع الاشتراكية الممقوتة وبعد تلكم الكلمات الذهبية خطاب عمار بن ياسر أبا ذر بقوله: لا آنس الله من أوحشك ولا آمن من أخافك، والله لو أردت دنياهم لآمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك.
أيجوز لمسلم عادي فضلا عن مثل عمار الذي لا يفارق الحق ولا يفارقه نصا من النبي الكريم أن يدعو على أناس نكبوا بعائث في المجتمع الديني المقلق فيهم السلام بذلك الدعاء المجهد؟ ويحكم عليهم بأنهم أهل دنيا غرتهم الأماني، وإن أعمالهم غير مرضية، وانهم خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين؟.
يدعو عليهم بذلك في مشهد إمام معصوم خشن في ذات الله كمولانا أمير المؤمنين وشبليه السبطين الحسنين ثم لا ينكر ذلك عليه أحد منهم. إن هذا لا يكون.
وإن مشايعة القوم لأبي ذر قبل هذه الكلمات كلها مع العلم بنهي الخليفة عنها إشادة بأمره، وتصديق لمقاله، والإمام يرى إن النهي عن مشايعته معصية أو أنه خلاف
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»