الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٦٣
وجاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر ما خلاصته: (إن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة ولذلك أمر عثمان أبا ذر أن يقيم بالربذة مع أن في بقائه بالمدينة مصلحة كبيرة لطالبي العلم لما في بقائه بالمدينة من مفسدة تترتب على نشر مذهبه) ومما ذكرنا يتبين إن ما في هذا الكتاب (الشيوعية في الاسلام) لا يتفق هو ومبادئ الاسلام وقواعده. كما يتبين إنه لا شيوعية في الاسلام بالمعنى الذي يفهمه الناس، والذي صرح به صاحب هذا الكتاب وسماه (شيوعية الاسلام) ومن أجل هذا نرى ألا يذاع مثل هذا الكتاب بين الناس لئلا يتخذها المفسدون في الأرض الهدامون للنظم الصالحة ذريعة للاخلال بالنظام وإفساد عقول ضعفاء الإيمان والجاهلين بمبادئ الاسلام.
* (قال الأميني) *: إن الوزارة الداخلية أو شيخ الأزهر لو أحال كل منهما النظر في هذه المهمة إلى لجنة عارفة بحال أبي ذر، واقفة على مقاله، مطلعة على كتب الحديث والسير والتفاسير، بصيرة على ما فيها من الغث والثمين، خالية عن الأغراض، بعيدة عن النعرات الطائفية، لحكمت بما هو الحق الصراح، وعرفت إن ما دعا إليه أبو ذر لم يكن خارجا عما سردته هي في مفتتح مقالها من اعتبار المالكية لكل إنسان، وما يجب عليه إنفاقه من المال، وما يتطوع به الرجل من النفقات، وقد أوقفناك قبل هذا على كل ذلك، وأن هياجه لم يكن موجها إلا إلى أناس معلومين كانوا يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقون منها في سبيل الله، ويحرمون الأمة من منافعها المفروضة لها فضلا عن المندوب إليها والمرغب فيها. وبذلك كله تعرف إن ما عزت إليه اللجنة الحاكمة من غير بصيرة من وجوب إنفاق ما فضل من المال على حاجة الانسان ونفقته ونفقة عياله زور من القول، وفند من الرأي، وليتها أشارت إلى مصدر ما ادعته من مذهب أبي ذر الذي حسبته مخالفا لجمهور الصحابة والتابعين، وقد أسلفنا لك جملة مما أثر عنه في ذلك، وليس في شئ منه أي دلالة على ما ادعته من العز والمختلق، وليتها بينت العلماء الذين تصدوا لنقض مذهب أبي ذر، وأشارت إلى ما جاءوا به في تدعيم حجتهم، ولعلها أرادت بهم المؤرخ محمد الخضري، وأحمد أمين، وصادق إبراهيم عرجون، وعمر أبي نصر، ومحمد أحمد جاد المولى بك، وعبد الحميد بك العبادي، وأمثالهم من المحدثين
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»