فإني إن رأيت ما أخاف عليك اعتللت بالقيام كأني أهريق الماء فأتيك، وإن لم أر أحدا فاتبع أثري حتى تدخل حيث أدخل. ففعل حتى دخل على أثر علي على النبي صلى الله عليه وآله فأخبره الخبر وسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله فأسلم من ساعته ثم قال: يا نبي الله ما تأمرني؟
قال: ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري. قال: فقال له: والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد. قال: فدخل المسجد فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. قال: فقال المشركون: صبأ الرجل، صبأ الرجل، فضربوه حتى صرع فأتاه العباس فأكب عليه وقال: قتلتم الرجل يا معشر قريش!
أنتم تجار وطريقكم على غفار فتريدون أن يقطع الطريق فأمسكوا عنه. ثم عاد اليوم الثاني فصنع مثل ذلك ثم ضربوه حتى صرع فأكب عليه العباس وقال لهم مثل ما قال في أول مرة فأمسكوا عنه.
وذكر ابن سعد في حديث إسلامه: ضربه لإسلامه فتية من قريش فجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله! أما قريش فلا أدعهم حتى أثأر منهم، ضربوني، فخرج حتى أقام بعسفان وكلما أقبلت عير لقريش يحملون الطعام ينفر لهم على ثنية غزال فتلقى أحمالها فجمعوا الحنط فقال لقومه: لا يمس أحد حبة حتى تقولوا: لا إله إلا الله. فيقولون:
لا إله إلا الله، ويأخذون الغرائر.
راجع طبقات ابن سعد 4: 165، 166، صحيح البخاري كتاب المناقب باب إسلام أبي ذر 6: 24، صحيح مسلم كتاب المناقب 7: 156، دلائل النبوة لأبي نعيم 2: 86، حلية الأولياء له 1: 159، مستدرك الحاكم 3: 338، الاستيعاب 2: 664 وأخرج أبو نعيم في الحلية 1: 158 من طريق ابن عباس عن أبي ذر قال: أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة فعلمني الاسلام وقرأت من القرآن شيئا، فقلت: يا رسول الله!
إني أريد أن أظهر ديني. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني أخاف عليك أن تقتل. قلت:
لا بد منه وإن قتلت. قال: فسكت عني فجئت وقريش حلق يتحدثون في المسجد فقلت أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. فانتقضت الحلق فقاموا فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر، وكانوا يرون إنهم قد قتلوني فأفقت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأى ما بي من الحال فقال لي: ألم أنهك. فقلت: يا رسول الله! كانت حاجة في