الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٣٢١
قال: إن بني أمية تهددني بالفقر والقتل، ولبطن الأرض أحب إلي من ظهرها، وللفقر أحب إلي من الغنى، فقال له رجل: يا أبا ذر! مالك إذا جلست إلى قوم قاموا وتركوك؟ قال: إني أنهاهم عن الكنوز.
وفي فتح الباري 3: 213 نقلا عن غيره: الصحيح إن إنكار أبي ذر كان على السلاطين الذين يأخذون المال لأنفسهم ولا ينفقونه في وجهه. وتعقبه النووي بالابطال لأن السلاطين حينئذ كانوا مثل أبي بكر وعمر وعثمان وهؤلاء لم يخونوا. ا ه‍.
وفي هذا التعقيب تدجيل ظاهر فإن يوم هتاف أبي ذر بمناويه لم يكن العهد لأبي بكر وعمر، وإنما كان ذلك يوم عثمان المخالف لهما في السيرة مخالفة واضحة، والمبائن للسيرة النبوية في كل ما ذكرناه، ولذلك كله كان سلام الله عليه ساكتا عن هتافه في العهدين وكان يقول لعثمان: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله؟
ورأيت أبا بكر وعمر؟ هل رأيت هذا هديهم؟ إنك تبطش بي بطش الجبار. ويقول: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام. راجع ص 298 و 306.
ولم يكن لأبي ذر منتدح من نداءه والدعوة إلى المعروف الضايع، والنهي عن المنكر الشايع وهو يتلو آناء الليل وأطراف النهار قوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون (1). قال ابن خراش: وجدت أبا ذر بالربذة في مظلة شعر فقال: ما زال بي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى لم يترك الحق لي صديقا (2).
وكان ينكر مع ذلك على معاوية المتخذ شناشن الأكاسرة والقياصرة بالترفه والتوسع والاستيثار بالأموال وكان في العهد النبوي صعلوكا لا مال له ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وآله (3) وفي لفظ: إن معاوية ترب خفيف الحال (4)

(١) سورة آل عمران ١٠٤.
(٢) الأنساب ٥: ٥٥، ومر مثله من طريق آخر ص ٣٠١.
(٣) صحيح مسلم كتاب النكاح والطلاق ٤: ١٩٥، سنن النسائي ٦: ٧٥، سنن البيهقي ٧: ١٣٥.
(٤) صحيح مسلم ٤: ١٩٩.
(٣٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 316 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 ... » »»