الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢٧٣
سعيد بن جبير عن ابن عباس: إن عقبة (1) بن أبي معيط كان يجلس مع النبي بمكة لا يؤذيه وكان له خليل (2) غائب عنه بالشام فقالت قريش: صبا عقبة. وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته: ما فعل محمد مما كان عليه؟ فقالت: أشد ما كان أمرا. فقال: ما فعل خليلي عقبة؟ فقالت: صبا. فبات بليلة سوء فلما أصبح أتاه عقبة فحياه فلم يرد عليه التحية فقال: مالك لا ترد علي تحيتي؟ فقال: كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت، قال: أو قد فعلتها قريش؟ قال: نعم، قال: فما يبرئ صدورهم إن أنا فعلته؟ قال: تأتيه في مجلسه فتبزق في وجهه وتشتمه بأخبث ما تعلم من الشتم، ففعل، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن مسح وجهه من البزاق ثم التفت إليه فقال: إن وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا. فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى أن يخرج فقال له أصحابه: أخرج معنا قال: وعدني هذا الرجل إن وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا، فقالوا: لك جمل أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليه. فخرج معهم فلما هزم الله المشركين وحمل به جمله في جدود من الأرض فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيرا في سبعين من قريش وقدم إليه عقبة فقال: أتقتلني من بين هؤلاء؟ قال: نعم، بما بزقت في وجهي. وفي لفظ الطبري: بكفرك وفجورك وعتوك على الله ورسوله. فأمر عليا فضرب عنقه فأنزل الله فيه: ويوم يعض الظالم على يديه. إلى قوله تعالى: وكان الشيطان للانسان خذولا.
وقال الضحاك: لما بزق عقبة رسول الله صلى الله عليه وآله رجع بزاقه على وجهه لعنه الله تعالى ولم يصل حيث أراد فأحرق خديه وبقي أثر ذلك فيهما حتى ذهب إلى النار.
وفي لفظ: كان عقبة يكثر مجالسة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واتخذ ضيافة فدعا إليها رسول الله صلى الله عليه وآله فأبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل، وكان أبي بن خلف صديقه فعاتبه وقال: صبأت يا عقبة؟ قال: لا ولكن آلى أن لا يأكل من طعامي وهو في بيتي فاستحييت منه فشهدت له والشهادة ليست في نفسي فقال: وجهي من وجهك

(1) وقع في الدر المنثور الاشتباه في اسم الرجل فجعله أبا معيط وتبعه على علاته من حكاه عنه كالشوكاني وغيره.
(2) هو أبي بن خلف كما سمعت وفي غير واحد من المصادر: أمية بن خلف
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»