نعم: للحنفية هاهنا تفصيل مجرد عن أي برهنة ضربت عنه الأمة صفحا قالوا:
لا زكاة في الخيل الذكور، ولو كثرت وبلغت ألف فرس، وإن كانت إناثا، أو إناثا و ذكورا سائمة غير معلوفة فحينئذ تجب فيها الزكاة. وصاحب الخيل مخير إن شاء أعطى عن كل فرس منها دينارا أو عشرة دراهم، وإن شاء قومها فأعطى من كل مائتي درهم خمسة دراهم.
كذا حكاه ابن حزم في المحلى 5: 288، وأبو زرعة في طرح التثريب 4: 14، وملك العلماء في بدايع الصنايع 1: 34، والنووي في شرح مسلم.
وهذا التفصيل ما كان قط يعرفه الصحابة والتابعون لأنهم لم يجدوا له أثرا في كتاب أو سنة، وكان من الحقيق إن كان للحكم مدرك يعول عليه أن يعرفوه، وأن يثبته رسول الله صلى الله عليه وآله في كتابه، وكذلك أبو بكر من بعده، وهذا كاف في سقوطه، و لذلك خالف أبا حنيفة فيه أبو يوسف ومحمد وقالا بعدم الزكاة في الخيل كما ذكره الجصاص في أحكام القرآن 3: 188، وملك العلماء في البدايع 2: 34، والعيني في العمدة 4:
383.
وغاية جهد أصحاب أبي حنيفة في تدعيم قوله بالحجة أحاديث لم يوجد في شئ منها ما جاء به من الرأي المجرد، ألا وهي:
1 - أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين من طريق أبي هريرة مرفوعا: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها. فذكر الوعيد الذي في منع حقها وحق الإبل والبقر والغنم، وذكر في الإبل: ومن حقها حلبها يوم وردها، ثم قال: قيل: يا رسول الله! فالخيل؟ قال: الخيل لثلاثة: هي لرجل وزر. وهي لرجل أجر. وهي لرجل ستر. فأما الذي هي له وزر: فرجل ربطها رياء وفخرا ونواء على أهل الاسلام فهي له وزر، وأما الذي هي له ستر: فرجل ربطها في سبيل الله. ثم لم ينس حق الله في ظهورها، ولا رقابها فهي له ستر. وأما الذي هي له أجر: فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الاسلام. الحديث. وفي لفظ مسلم بدل قوله: ثم لم ينس حق الله.. الخ: و لم ينس حق الله في ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها.
استدل به ابن التركماني المارديني في الجوهر النقي ط ذيل سنن البيهقي 4: