الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ١٥٠
في إرشاد الساري 1: 332، فمن المستبعد جدا، فإن المسؤول يومئذ عن الأحكام وعن كل مشكلة هو رسول الله لا غيره، فما كان عثمان يسأل عن حكم إذا جهله رجع السائل إلى أفراد آخرين، فتصل النوبة إلى طلحة والزبير دون رسول الله، وأين كان الشيخان يوم ذاك؟ وقد رووا عن ابن عمر إنه لم يك يفتي على عهد رسول الله أحد إلا أبو بكر وعمر كما مر في ج 7: 182 ط 2، فلا يسع لأي أحد الدفاع عن الخليفة بهذا التوهم.
وإن تعجب فعجب قول البخاري: الغسل أحوط، وذاك الأخير إنما بيناه لاختلافهم. قاله بعد إخراج رواية أبي هريرة الموجبة للغسل المذكورة ص 144 ط 2، وفتوى عثمان المذكورة وحديث أبي الموافق معه، فجنح إلى رأي عثمان، وضرب عما جاء به نبي الاسلام، وأجمعت عليه الصحابة والتابعون والعلماء، كما سمعت عن القرطبي، وقال النووي في شرح مسلم هامش إرشاد الساري 2: 425: إن الأمة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع، وإن لم يكن معه إنزال، وعلى وجوبه بالإنزال. ا ه‍.
وهذا الإجماع من عهد الصحابة وهلم جرا، وقال القاضي عياض: لا نعلم أحدا قال به بعد خلاف الصحابة إلا ما حكي عن الأعمش، ثم بعده داود الأصبهاني.
وقال القسطلاني في الارشاد 1: 333: قال البدر الدماميني كالسفاقسي فيه جنوح لمذهب داود، وتعقب هذا القول البرماوي بأنه إنما يكون ميلا لمذهب داود والجمهور على إيجاب الغسل بالتقاء الختانين وهو الصواب.
وقال ابن حجر في فتح الباري 1: 316: قال ابن العربي: إيجاب الغسل أطبق عليه الصحابة ومن بعدهم، وما خالف فيه إلا داود، ولا عبرة بخلافه، وإنما الأمر الصعب مخالفة البخاري وحكمه بأن الغسل مستحب، وهو أحد أئمة الدين وأجلة علماء المسلمين. ا ه‍.
فلا تعجب عن بخاري يقدم في الفتوى رأي مثل عثمان على ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله بعد إجماع الأمة عليه تقديمه نظراء عمران بن حطان الخارجي على الإمام الصادق جعفر بن محمد في الرواية. " ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ".
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»