فلما قدم عليه محمد بن سلمة صنع له عمر وطعاما كثيرا فأبى محمد بن سلمة أن يأكل منه شيئا فقال له عمرو: أتحرموا طعامنا؟ فقال: لو قدمت إلي طعام الضيف أكلته ولكنه قدمت إلي طعاما هو تقدمة شر والله لا أشرب عندك ماء فاكتب لي كل شئ هو لك ولا تكفه، فشاطره ماله بأجمعه حتى بقيت نعلاه فأخذ إحداهما وترك الأخرى، فغضب عمرو ابن العاصي فقال: يا محمد بن سلمة قبح الله زمانا عمرو بن العاصي لعمر بن الخطاب فيه عامل، والله إني لأعرف الخطاب يحمل فوق رأسه حزمة من الحطب، وعلى ابنه مثلها، وما منهما إلا في نمرة لا تبلغ رسغيه، والله ما كان العاصي بن وائل يرضى أن يلبس الديباج مزررا بالذهب. قال له محمد: اسكت والله عمر خير منك وأما أبوك وأبوه ففي النار، والله لولا الزمان الذي سبقته فيه لا ألفيت معقل شاة يسرك غزرها ويسرك بكرها.
فقال عمرو: هي عندك بأمانة الله فلم يخبر بها عمر.
5 - زار أبو سفيان معاوية فلما رجع من عنده دخل على عمر فقال: أجزنا أبا سفيان قال: ما أصبنا شيئا فنجيزك به. فأخذ عمر خاتمه فبعث به إلى هند وقال للرسول: قل لها يقول لك أبو سفيان انظري الخرجين اللذين جئت بهما فأحضريهما فما لبث عمر أن أتي بخرجين فيهما عشرة آلاف درهم فطرحهما عمر في بيت المال، فلما ولي عثمان ردهما عليه فقال أبو سفيان: ما كنت لآخذ مالا عابه علي عمر.
6 - لما ولى عمر بن الخطاب عتبة بن أبي سفيان الطائف وصدقاتها ثم عزله تلقاه في بعض الطريق فوجد معه ثلاثين ألفا فقال: أنى لك هذا؟ قال: والله ما هو لك ولا للمسلمين ولكنه مال خرجت به لضيعة اشتريها. فقال عمر: عاملنا وجدنا معه مالا ما سبيله إلا بيت المال، ورفعه فلما ولي عثمان قال لأبي سفيان: هل لك في هذا المال؟ فإني لم أر لأخذ ابن الخطاب فيه وجها، قال: والله إن بنا إليه حاجة ولكن لا ترد فعل من قبلك فيرد عليك من بعدك.
7 - مر عمر يوما ببناء يبني بحجارة وجص فقال: لمن هذا؟ فقالوا لعامل من عمالك بالبحرين فقاسمه ماله وكان يقول: لي على كل خائن أمينان: الماء. والطين - 8 - أرسل عمر إلى أبي عبيدة: إن أكذب خالد نفسه فهو أمير على ما كان عليه، وإن لم يكذب نفسه فهو معزول فانتزع عمامته وقاسمه نصفين. فلم يكذب نفسه