الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ٢٦٠
قليلها وكثيرها والمسكر من كل شراب).
وإنما أحل عمر الطلاء حين طبخ وذهب ثلثاه ولما قدم الشام شكوا له وباء الأرض إلى أن قالوا: هل لك أن تجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأمرهم عمر أن يشربوه وكتب إلى عماله أن يرزقوا الناس الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (1).
وقال محمود بن لبيد الأنصاري: إن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها. وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب فقال عمر: اشربوا هذا العسل.
قالوا: لا يصلحنا العسل. فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم. فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث فأتوا به عمر فأدخل فيه عمر إصبعه ثم رفع يده فتبعها يتمطط، فقال: هذا الطلاء هذا مثل طلاء الإبل فأمرهم عمر أن يشربوه، فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله، فقال عمر: كلا والله: اللهم! إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم، ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم.
أخرجه إمام المالكية مالك في الموطأ 2 ص 180 في جامع تحريم الخمر.
فحج أبو مسلم الخولاني فدخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت تسأله عن الشام وعن بردها فجعل يخبرها فقالت: كيف تصبرون على بردها؟ فقال: يا أم المؤمنين إنهم يشربون شرابا لهم يقال له: الطلاء. فقالت: صدق الله وبلغ حبي سمعت حبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها. (2) م - وقال صلى الله عليه وآله وسلم: إن القوم سيفتنون بعدي بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم و يتمنون رحمته، ويأمنون سطوته، ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة، والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع. نهج البلاغة 2: 65).
وسئل ابن عباس عن الطلاء فقال: وما طلاؤكم هذا إذ سألتموني؟ فبينوا لي الذي تسألوني عنه. قالوا: هو العنب يعصر ثم يطبخ ثم يجعل في الدنان. قال: وما الدنان؟

(١) سنن البيهقي ٨ ص ٣٠٠، ٣٠١، سنن النسائي ٨ ص ٣٢٩، سنن سعيد بن منصور كما في كنز العمال ٣ ص ١٠٩، ١١٠، تيسير الوصول ٢ ص ١٧٨، جامع مسانيد أبي حنيفة ٢ ص ١٩١.
(٢) وفي لفظ أبي نعيم: ستشرب أمتي من بعدي الخمر يسمونها بغير اسمها يكون عونهم على شربها أمراءهم. الإصابة ٣ ص ٥٤٦.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»