فبعث إلى علي فقال: يا أبا الحسن احكم فيما بين هذين الخلقين فقال علي: الأمر فيه أوضح من ذلك وأسهل وأيسر، الحكم: أن تغسلوه وتكفنوه وتدعوه مع ابن أمه يحمله الخادم إذا مشى فيعاون عليه أخاه فإذا كان بعد ثلث جف فاقطعوه جافا ويكون موضعه حيا لا يألم، فإني أعلم إن الله لا يبقي الحي بعده أكثر من ثلث يتأذى برائحة نتنه وجيفه. ففعلوا ذلك فعاش الآخر ثلاثة أيام ومات فقال عمر رضي الله عنه: يا ابن أبي طالب فما زلت كاشف كل شبهة وموضح كل حكم. (كنز العمال 3 ص 179) 58 اجتهاد الخليفة في حد أمة عن يحيى بن حاطب قال: توفي حاطب فاعتق من صلى من رقيقه وصام وكانت له أمة نوبية قد صلت وصامت وهي أعجمية لم تفقه فلم ترعه إلا بحبلها وكانت ثيبا فذهب إلى عمر رضي الله عنه فحدثه فقال: لأنت الرجل لا تأتي بخير. فأفزعه ذلك فأرسل إليها عمر رضي الله عنه فقال: أحبلت؟ فقالت: نعم من مرغوش بدرهمين. فإذا هي تستهل بذلك لا تكتمه قال: وصادف عليا وعثمان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم فقال:
أشيروا علي وكان عثمان رضي الله عنه جالسا فاضطجع فقال علي وعبد الرحمن: قد وقع عليها الحد، فقال: أشر علي يا عثمان؟ فقال: قد أشار عليك أخواك. قال: أشر علي أنت. قال أراها تستهل به كأنها لا تعلمه وليس الحد إلا على من علمه. فقال: صدقت صدقت والذي نفسي بيده ما الحد إلا على من علمه. فجلدها عمر مائة وغربها عاما (1).
وقال الشافعي في الأم 1 ص 135: فخالف عليا وعبد الرحمن فلم يحدها حدها عندهما وهو الرجم، وخالف عثمان أن لا يحدها بحال، وجلدها مائة وغربها عاما.
وقال البيهقي في السنن: قال الشيخ رحمه الله: كان حدها الرجم فكأنه رضي الله عنه درأ عنها حدها للشبهة بالجهالة وجلدها وغربها تعزيرا.
قال الأميني: أنا لا أقول: إن الأمر في المسألة دائر بين أمرين إما ثبوت الحد وهو الرجم، وإما درأه بالشبهة وتخلية الحامل سبيلها، والقول بالفصل رأي خارج عن نطاق