تخف فإن نبينا عيسى عليه السلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنوز إلا خمسها فادفع إلي خمس هذا الكنز وامضي سالما. فقال: أيها الملك تثبت في أمري ما أصبت كنزا وإنما أنا من أهل هذه المدينة فقال له: أنت من أهلها؟ قال: نعم. قال أفتعرف فيها أحدا؟ قال:
نعم. قال: فسم لنا فسمى له نحوا من ألف رجل فلم يعرفوا منهم رجلا واحدا قالوا:
يا هذا ما نعرف هذه الأسماء، وليست هي من أهل زماننا، ولكن هل لك في هذه المدينة دارا؟ فقال: نعم أيها الملك، فابعث معي أحدا، فبعث معه الملك جماعة حتى أتى بهم دارا أرفع في المدينة وقال: هذه داري ثم قرع الباب فخرج لهم شيخ كبير قد استرخا حاجباه من الكبر على عينيه وهو فزع مرعوب مزعور فقال: أيها الناس ما بالكم؟
فقال له رسول الملك: إن هذا الغلام يزعم أن هذه الدار داره فغضب الشيخ والتفت إلى تمليخا وتبينه وقال له: ما أسمك؟ قال: تمليخا بن فلسين. فقال له الشيخ: أعد علي.
فأعاد عليه فانكب الشيخ على يديه ورجليه يقبلهما وقال: هذا جدي ورب الكعبة وهو أحد الفتية الذين هربوا من " دقيانوس " الملك الجبار إلى جبار السماوات والأرض ولقد كان عيسى عليه السلام أخبرنا بقصتهم وإنهم سيحيون. فأنهى ذلك إلى الملك وأتى إليهم وحضرهم فلما رأى الملك تمليخا نزل عن فرسه وحمل تمليخا على عاتقه فجعل الناس يقبلون يديه ورجليه ويقولون له: يا تمليخا ما فعل بأصحابك؟ فأخبرهم إنهم في الكهف. وكانت المدينة قد وليها رجلان ملك مسلم وملك نصراني فركبا في أصحابهما وأخذا تمليخا فلما صاروا قريبا من الكهف قال لهم تمليخا: يا قوم إني أخاف أن إخوتي يحسون بوقع حوافر الخيل والدواب وصلصلة اللجم والسلاح فيظنون أن " دقيانوس " قد غشهم فيموتون جمعيا فقفوا قليلا حتى أدخل إليهم فأخبرهم. فوقف الناس ودخل عليهم تمليخا فوثب إليه الفتية واعتنقوه وقالوا: الحمد لله الذي نجاك من " دقيانوس ". فقال: دعوني منكم ومن " دقيانوس " كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوما، أو بعض يوم. قال: بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين. وقد مات " دقيانوس " وانقرض قرن بعد قرن وآمن أهل المدينة بالله العظيم وقد جاءكم. فقالوا له: يا تمليخا! تريد أن تصيرنا فتنة للعالمين؟ قال: فماذا تريدون؟ قالوا: ارفع يدك ونرفع أيدينا فرفعوا أيديهم وقالوا: اللهم بحق ما أريتنا من العجائب في أنفسنا إلا قبضت أرواحنا ولم يطلع علينا أحد. فأمر الله ملك الموت فقبض أرواحهم وطمس الله باب الكهف