الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ١٥٢
صارت أرجلهم تقطر دما لأنهم لم يعتادوا المشي على أقدامهم فاستقبلهم رجل راع فقالوا: أيها الراعي أعندك شربة ماء أو لبن؟ فقال: عندي ما تحبون ولكني أرى وجوهكم وجوه الملوك وما أظنكم إلا هرابا فأخبروني بقصتكم. فقالوا: يا هذا إنا دخلنا في دين لا يحل لنا الكذب أفينجينا الصدق؟ قال: نعم. فأخبروه بقصتهم فانكب الراعي على أرجلهم يقبلهما ويقول: قد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم فقفوا إلي ههنا حتى أرد الأغنام إلى أربابها وأعود إليكم. فوقفوا له حتى ردها وأقبل يسعى فتبعه كلب له.
فوثب اليهودي قائما وقال: يا علي إن كنت. عالما فأخبرني ما كان لون الكلب واسمه؟ فقال: يا أخا اليهود حدثني حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم إن الكلب كان أبلق بسواد وكان اسمه " قطمير " قال: فلما نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم لبعض: إنا نخاف أن يفضحنا هذا الكلب بنبيحه فألحوا عليه طردا بالحجارة فلما نظر إليهم الكلب وقد ألحوا عليه بالحجارة والطرد أقعى على رجليه وتمطى وقال بلسان طلق ذلق: يا قوم لم تطردونني وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، دعوني أحرسكم من عدوكم وأتقرب بذلك إلى الله سبحانه وتعالى. فتركوه ومضوا فصعد بهم الراعي جبلا وانحط بهم أعلى كهف.
فوثب اليهودي وقال: يا علي ما اسم ذلك الجبل؟ وما اسم الكهف؟ قال أمير المؤمنين: يا أخا اليهود اسم الجبل " نا جلوس " واسم الكهف " الوصيد " وقيل: خيرم قال: وإذا بفناء الكهف أشجار مثمرة وعين غزيرة، فأكلوا من الثمار وشربوا من الماء وجنهم الليل فآووا إلى الكهف وربض الكلب على باب الكهف ومد يديه عليه، وأمر الله ملك الموت بقبض أرواحهم، ووكل الله تعالى بكل رجل منهم ملكين يقلبانه من ذات اليمين إلى ذات الشمال، ومن ذات الشمال إلى ذات اليمين، قال: وأوحى الله تعالى إلى الشمس فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين إذا طلعت، وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال، فلما رجع الملك " دقيانوس " من عيده سأل عن الفتية فقيل له: إنهم اتخذوا إلها غيرك وخرجوا هاربين منك فركب في ثمانين ألف فارس وجعلوا يقفوا آثارهم حتى صعد الجبل وشارف الكهف فنظر إليهم مضطجعين فظن أنهم نيام، فقال لأصحابه:
لو أردت أن أعاقبهم بشئ ما عاقبتهم بأكثر مما عاقبوا به أنفسهم فأتوني بالبنائين فأتي
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»