صحة المدعى به كشفا تاما ليس فوقه كشف، وهذا مما لا يرتاب فيه أحد ممن عرفها عليها السلام وأبو بكر من أعرف الناس بها وبصدق دعواها ولكن الأمر كما حكاه علي بن الفارقي وكان من أعلام بغداد. مدرسا في مدرستها الغربية، وهو أحد شيوخ ابن أبي الحديد المعتزلي، إذ سأله.
فقال له: أكانت فاطمة صادقة - في دعواها النحلة -؟. قال: نعم.
قال له - ابن أبي الحديد -: فلم لم يدفع لها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة؟ فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته.
قال: لو أعطاها اليوم فدكا بمجرد دعواها لجأت إليه غدا وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه حينئذ الاعتذار بشئ، لأنه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعى كائنا ما كان من غير حاجة إلى بينة ولا شهود " (114).
قلت: وبهذا استباح أبو بكر رد شهادة علي بن أبي طالب لفاطمة بالنحلة وإلا فإن يهود خيبر على لؤمهم وأن عليا دمرهم لينزهونه عن شهادة الزور وبهذا أيضا لا بسواه استنوق الجمل فاعتبر ذات اليد المتصرفة مدعية فطالبها بالبينة إنما هي عليه، الأمر الذي علمنا أنه دبر بليل.
وما ينس فلا ينس قوله في مجابهة فاطمة لست أعلم صحة قولك مع أن قولها بمجرده من أوضح موازين الحكم لها بما ادعت.
ولو تنازلنا عن هذا كله وسلمنا أنها كسائر المؤمنات الصالحات تحتاج في إثبات دعواها إلى بينة، فقد شهد لها علي وحسبها أخو النبي ومن كان منه