النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٨٥
مقامنا ليضيق عما جاء في وجوب موالاته، ولا يني باستيفاء ما دل على نفاق معاداته، فنلفت الباحثين إلى ما أوردناه من الصحاح، في كتابنا سبيل المؤمنين (743)، فإن فيه للحق المبين، والحمد لله رب العالمين.

(743) هذا الكتاب يقع في ثلاث مجلدات في أمامة أئمتنا الاثني عشر وأحوالهم ومناقبهم وهديهم (ع) لا نظير له في موضوعه. كما عبر عنه مؤلفه.
ويا للأسف الشديد أن هذا الكتاب من جملة تسعة عشر كتابا للمؤلف قد أحرقت وأتلفت من قبل الاستعمار الفرنسي حينما هجم وقتل وشرد أبناء جبل عامل.
قال المؤلف حول هذا الكتاب بعد تلفه:
نكبنا في سبيل المؤمنين - لا يخفى لطافة هذا التعبير - سنة 1920 غربية وهي سنة 1338 هجرية يوم رزئنا بجل ما ألفناه قبل تلك النازلة التي عمت أبناء عاملة واختصت بهذا الضعيف حيث أوغل الغاشمون في طغيانهم ولجوا في عدوانهم ومضوا في التنكيل والتقتيل والتشريد على غلوائهم وأطلقوا في البنادق والمشانق والنهب والضرب والتحريق والتمزيق أعنة أهوائهم، ركبوا في ذلك رؤوسهم متهافتين في أعمالهم لا يلوون على أحد، وكنت في طليعة من تبدد وتشرد. وليتهم كفوا عن تلك الكتب القيمة واكتفوا بما سواها عند الله أحتسب تلك المؤلفات التي أفنيت فيها عمري ورهقني بفقدها ما نقض مرة صبري فإنا لله وإنا إليه راجعون.
أنشد الله امرءا وقع في يده شئ منها إلا أثلج به كبدي الحرى فإن لكل كبد حرى أجرا.. الخ ثم عدد تلك المؤلفات العظيمة.
راجع: كتاب الكلمة الغراء في تفضيل فاطمة الزهراء مطبوع في آخر الفصول المهمة ص 245 - 246.
وهكذا في هذه السنوات يقوم العتل الزنيم " صدام التكريتي " مقام الاستعمار الفرنسي بل مقام الاستعمار العالمي في القضاء على العلم والعلماء فقد فتت وهدم الحوزات العلمية في الأماكن المقدسة كالنجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظميين وسامراء فبعد أن كانت تعج بالآلاف المؤلفة من العلماء والمجتهدين والطلاب لم يبق فيها إلا شرذمة قليلة بل ولم يبق في بعضها شئ من العلم والعلماء.
فقد هجر الآلاف من العلماء وصادر أموالهم وأحرق كتبهم وسجن المئات منهم وأعدم العشرات من تلك الوجوه النيرة والبدور المشرقة والأنجم الزاهرة ثم لم يكتف بذلك كله بل مد يده الأثيمة الكافرة بالتعاون والتواطي مع الدول الرجعية في المنطقة والدول الاستعمارية على قدسية سيدنا واستاذنا الإمام العظيم والمرجع الشهير والفيلسوف الكبير والمفكر الاسلامي والفقيه النحرير سماحة آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) فبعد اعتقاله في بيته ما يقرب من سنة وعزل الجماهير - المتعطشة إليه - عنه أخذ إلى بغداد وبعد تعذيبه هو وأخته العلوية العالمة بنت الهدى نالا درجة الشهادة الرفيعة على يد ألئم خلق الله وأقذر عميل للصهيونية والإستعمار العالمي " صدام التكريتي الكافر " الذي لم يؤمن بالله طرفة عين ولم يبق للاسلام حرمة إلا استباحها ولا عرض للمسلمين إلا هتكه.
فعليك يا سيدي يا أبا جعفر سلام الله ورضوانه يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا. فأنت قد ذهبت واسترحت من كرب الدنيا وبلائها ونلت درجة الشهادة وختمت لك بالسعادة الأبدية.
وفي الأيام تمر علينا ذكرى استشهادك الثانية ونحن نقاسي ونتحمل من الآلام والمصائب ما تكأدنا ثقلها من قبل عميل الإمبريالية والصهيونية " صدام الكافر " ومساعدة ومساندة الرجعيين له في المنطقة.
فقد سفك دمائنا وسلب أموالنا وهتك أعراضنا ولم يسلم من تعذيبه حتى الشيخ الهرم ولا المرأة المسنة بل حتى الطفل الرضيع فها هم يمزقون ويقطعون إربا إربا. ولا من رادع ولا مانع بل الدول التي تدعي التقدم والتي تنادي بحقوق الانسان كأمريكا وغيرها هي التي تمده بالسلاح والعتاد وتسانده ماديا وإعلاميا وها هو يعمل هذه الأعمال الانسانية وبمسمع وبمرأى من منظمة الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية ومجلس الأمن لم تنطق واحدة منها بكلمة واحدة في مقابله ولم تحرك قلما اتجاهه أليس الحق أصبح باطلا عندها والباطل حقا بخدمتها للدول الكبرى والسير في فلكها وفي مصالحها؟ ولماذا تريد دول عدم الانحياز أن تعقد مؤتمرها السنوي في بغداد أليس يعطيها صفة عدم الانحياز إلا إلى الباطل ومقاومة الحق؟ أليس ذلك مساندة لصدام على ظلمه وإجرامه؟
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 485 487 488 489 490 491 ... » »»