النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٤٨
وقل هو بيننا وبينكم من أوله إلى آخره، والله الله في دمائنا ودمائكم. فلما جاءهم الفتى حملوا عليه وفي يده المصحف فقطعوا يديه، فأخذه بأسنانه حتى قتل، وعندئذ قال علي لأصحابه: قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم.
ورثت أم الغلام المرسل بالمصحف بقولها فيما رواه الطبري (1):
لا هم أن مسلما دعاهم * يتلو كتاب الله لا يخشاهم - وأمهم قائمة تراهم * يأتمرون الغي لا تناهم - قد خضبت من علق لحاهم (677) - وبرزت ربه الجمل والهودج إلى المعركة، وقد عصفت في رأسها النخوة ونزت فيه سورة الآنفة، فأدركتها حمية منكرة، وكانت أجرأ من ذي لبدة، قد جمعت ثيابها على أسد، تلهب حماسها في جيشها، فتدفعهم به إلى الموت دون جملها، وقد نظرت عن يسارها فقالت: من القوم عن يساري؟. فأجابها صبرة بن شيمان (كما في الكامل لابن الأثير وغيره): نحن بنوك الأزد.
فقالت: يا آل غسان حافظوا اليوم على جلادكم الذي كنا نسمع به في قول القائل:
وجالد من غسان أهل حفاظها * وكعب وأوس جالدت وشبيب - فكان الأزد يأخذون بعر الجمل يشمونه ويقولون: بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك، وقالت لمن يمينها: من القوم عن يميني؟. قالوا: بكر بن وائل.
قالت: لكم يقول القائل:
وجاءوا إلينا في الحديد كأنهم * من العزة القعساء بكر بن وائل -

(١) راجع ص ٥٢٢ من الجزء الثالث من تاريخ الأمم والملوك (منه قدس).
(٦٧٧) تاريخ الطبري ج ٥ / 204 و 206، تذكرة الخواص ص 71، مروج الذهب ج 2 / 361.
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»