البلاغة (673).
[موقف حكيم بن جبلة (1)] لما بلغ حكيم بن جبلة ما صنع القوم بعثمان بن حنيف وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم خرج في ثلاثمائة من عبد القيس وكان سيدهم. فخرج القوم إليه وحملوا عائشة على جمل، فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الأصغر، ويومها مع علي يوم الجمل الأكبر. وتجالد الفريقان بالسيوف وأبلى حكيم وأصحابه بلاء حسنا، لكن شد رجل من الأزد من عسكر عائشة على حكيم فضرب رجل فقطعها، ووقع الأزدي عن فرسه، فجثا حكيم فأخذ رجله المقطوعة فضرب بها الأزدي فصرعه ثم دب إليه فقتله خنقا متكئا عليه حتى زهقت نفسه، فمر بحكيم إنسان وهو يجود بنفسه فقال له: من فعل بك هذا؟ قال: وسادي فنظر فإذا الأزدي تحته.
وكان حكيم من أبطال العرب وشجعان المسلمين المستبصرين في شأن أهل البيت، وقد قتل معه ابنه الأشرف وإخوة له ثلاثة، وقتل معه أصحابه كلهم وهم ثلاثمائة من عبد القيس وكلهم من الأخيار، وربما كان بعض المقتولين يومئذ من بكر بن وائل.
فلما صفت البصرة لعائشة وطلحة والزبير بعد قتل حكيم وأصحابه، وطردا ابن حنيف عنها. اختلف طلحة والزبير في الصلاة، وأراد كل منهما أن يؤم بالناس، وخاف أن تكون صلاته خلف صاحبه تسليما له، ورضي بتقدمه،