وجاءتها أم سلمة بعد هذا - فيما رواه أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتابه المصنف في غريب الحديث - فنهتها عن الخروج بكلام شديد جاء فيه: أن عمود الإسلام لا يثأب بالنساء إن مال، ولا يرأب بهن إن صدع حماديات النساء غض الأطراف، وخفر الأعراض، ما كنت قائلة لو أن رسول الله عارضك في بعض هذه الفلوات، ناصة قلوصا من منهل إلى آخر؟ والله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي ادخلي الفردوس، لاستحييت أن ألقى محمدا هاتكة حجابا ضربه علي، إلى آخر كلامها (650) الذي لم تصغ إليه عائشة.
وحينئذ كتبت أم سلمة إلى علي عليه السلام من مكة.
أما بعد: فإن طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا بعائشة ومعهم عبد الله بن عامر، يذكرون أن عثمان قتل مظلوما والله كافيهم بحوله وقوته، ولولا ما نهانا الله عن الخروج، وأنت لم ترض به لم أدع الخروج إليك والنصرة لك، ولكني باعثة إليك بابني وهو عدل نفسي عمر بن أبي سلمة يشهد مشاهدك فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا، فلما قدم عمر على علي أكرمه، ولم يزل معه حتى شهد مشاهده كلها (651).