كافة، كإجماعهم على نبوته صلى الله عليه وآله لم ينبس (1) منهم واحد بكلمة من خلاف فيه، ولا رتم بها أبدا.
وقد علموا - ولله الحمد - أن الشرائع الإسلامية قد وسعت الدنيا والآخرة بنظمها وقوانينها وحكمتها في جميع أحكامها وقسطها في موازينها، وأنها المدنية الحكيمة الرحيمة الصالحة لأهل الأرض في كل مكان وزمان، على اختلافهم في أجناسهم وأنواعهم وألوانهم ولغاتهم. لم يبق شارع الإسلام " وهو علام الغيوب جل وعلا " غاية إلا أوضح سبيلها وأقام لأولي الألباب دليلها، وحاشاه تعالت آلاؤه أن يوكل الناس إلى آرائهم، أو يذرهم يسرحون في دينه على غلوائهم، بل ربطهم - على لسان عبده وخاتم رسالته - بحبليه، وعصمهم بثقليه، وبشرهم بالهدى ما إن أخذوا بهديهما، وأنذرهم الضلال إن لم يتمسكوا بهما، وأخبرهم أنهما لن يفترقا ولن تخلو الأرض منهما حتى يردا عليه الحوض (2)، فهما معا مفزع الأمة ومرجعها بعد نبيها، فالمنتهج نهجهما لاحق به، والمتخلف عنهما أو عن أحدهما مفارق له صلى الله عليه وآله وسلم (3).