الشيطان بين عينيه وبما هو عليه من العجب بنفسه. وحينئذ أمر بقتله، وكانت صلاة هذا المارق التي أعجبت الشيخين يومئذ في المسجد بعد صدور الأمر لهما بقتله.
أما حديث الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد فصريح بأن أبا بكر رأى هذا المارق يصلي في بعض الأودية لا في المسجد فأعجبه خشوعه لله تعالى حيث لا يراه سواه عز وجل فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك، فأمره فورا بقتله بدون أن يراه وهذا ليس إلا لأنه كان محكوما عليه من قبل ذلك بالقتل كما لا يخفى، فالحديثان في واقعتين متعددتين - بلا ريب - قوبل النص فيهما بالاجتهاد.
[فصل (1)] الخوارج: هم الذين خرجوا عن الدين، بخروجهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد أنكروا عليه التحكيم الذي اضطروه إليه، وكانوا ثمانية آلاف أو أكثر، فاستدعاهم إليه ليذكرهم الله تعالى والدار الآخرة، وليبين لهم خطأهم فيما رأوه، ويزيل شبهتهم التي تشبثوا بها (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) فأبوا أن يأتوه، وكلفوه بأن يقر بالكفر على نفسه ثم يتوب إلى الله منه. ولما لم يأتوه أرسل إليهم عبد الله بن العباس فلم يأل جهدا، ولم يدخر وسعا في الاحتجاج عليهم وتسفيه رأيهم بكل حجة بالغة، وبيان ناصع، والقوم مصرون على بغيهم وضلالهم كأن في آذانهم وقرا وعلى قلوبهم أكنة (133).