وقد أجمعوا على تكفير كل من لا يرى رأيهم من المسلمين، وأباحوا دمه وماله وأهله، وثاروا على المسلمين يقتلون من مر بهم كائنا من كان، فكان ممن قتلوه عبد الله بن الخباب بن الأرت التميمي، وبقروا بطن زوجته وهي حامل متم (134).
واستفحل شرهم، فأتاهم أمير المؤمنين ناصحا لله تعالى ولكتابه ولرسوله وللمسلمين عامة ولهم خاصة، فأعذر إلى الله تعالى فيما أوضحه لهم من الخطأ في خروجهم عليه وفيما احتج به عليهم مما يوجب رجوعهم إليه، وفيما أنذرهم به إذا أصروا على البغي من سوء العاقبة في الدنيا بقتلهم، وفي الآخرة بمصيرهم إلى النار وبئس القرار.
ولكنهم أصروا على بغيهم لا يفيئون إلى شئ من أمر الله عز وجل على شاكلة من قوم نوح (إذ جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا) وبذلك قتلهم أمير المؤمنين (1) ولم ينج منهم عشرة، ولم يقتل ممن كان معه عليه السلام عشرة وكان قد أخبرهم بذلك أثناء احتجاجه عليهم فلم يرعووا.
ثم انضم إلى هذا النفر اليسير - الذي لم يقتل من الخوارج - جماعة آخرون من أهل الضلال يرون رأيهم في التحكيم، والخروج على الولاة، فلما ولي عبد الله بن الزبير ظهر منهم جماعة في العراق مع نافع بن الأزرق،