مستغفرين، أنت الذاكر قبل الذاكرين، وأنت البادي بالاحسان قبل توجه العابدين وأنت الجواد بالعطاء قبل طلب الطالبين، وأنت الوهاب ثم لما وهبتنا من المستقرضين إلهي اطلبني برحمتك حتى أصل إليك، واجذبني بمنك حتى أقبل إليك، إلهي إن رجائي لا ينقطع عنك، وإن عصيتك، كما أن خوفي لا يزايلني وإن أطعتك فقد دفعتني العوالم إليك وقد أوقعني علمي بكرمك عليك، إلهي كيف أخيب و أنت أملى، أم كيف أهان وعليك متكلي، إلهي كيف أستعز وفي الذلة أركزتني أم كيف لا أستعز وإليك نسبتني، إلهي كيف لا أفتقر وأنت الذي في الفقراء أقمتني أم كيف أفتقر وأنت الذي بجودك أغنيتني، وأنت الذي لا إله غيرك تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ، وأنت الذي تعرفت إلي في كل شئ فرأيتك ظاهرا في كل شئ وأنت الظاهر لكل شئ، يامن استوى برحمانيته فصار العرش غيبا في ذاته محقت الآثار بالآثار، ومحوت الأغيار بمحيطات أفلاك الأنوار، يا من احتجب في - سرادقات عرشه عن أن تدركه الأبصار، يا من تجلى بكمال بهائه فتحققت عظمته من الاستواء كيف تخفى وأنت الظاهر، أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر إنك على كل شئ قدير. والحمد لله وحده (1).
4 - أقول: قد أورد الكفعمي - ره - أيضا هذا الدعاء في البلد الأمين (2) وابن طاوس في مصباح الزائر كما سبق ذكرهما، ولكن ليس في آخره فيهما بقدر ورق تقريبا وهو من قوله " إلهي أنا الفقير في غناي " إلى آخر هذا الدعاء، وكذا لم يوجد هذه الورقة في بعض النسخ العتيقة من الاقبال أيضا، وعبارات هذه الورقة لا تلائم سياق أدعية السادة المعصومين أيضا وإنما هي على وفق مذاق الصوفية، و لذلك قد مال بعض الأفاضل إلى كون هذه الورقة من مزبدات بعض مشايخ الصوفية ومن إلحاقاته وإدخالاته.
وبالجملة هذه الزيادة إما وقعت من بعضهم، أولا في بعض الكتب، وأخذ ابن طاووس عنه في الاقبال غفلة عن حقيقة الحال، أو وقعت ثانيا من بعضهم في نفس كتاب الاقبال، ولعل الثاني أظهر على ما أومأنا إليه من عدم وجدانها