ذللها بطاعته، وأشخصها إلى طلب رحمته، فكان نهار صيامنا يزكى لديك، وليلة قيامنا يوقد عليك، وأرهف القلوب، وعارك الذنوب، وأخضع الخدود، ورفع إليك الراحات، واستدر العبرات، بالنحيب والزفرات، أسفا على الزلات، واعترافا بالهفوات، واستقالة للعثرات، فرحمت وعطفت وسترت وغفرت وأقلت وأنعمت فعاد حبيبا مألوفا قربه، وقادما يكره فراقه، فعليه السلام من شهر ودعته بخير أو دعته، وبعد منك قربه، وغنم من فضلك استجلبه، وفضايح تقدمت عندك هدرها وقبايح محاها ونثرها، وخيرات نشرها، ومنافع نشزها، ومنن منك وفرها، و عطايا كثرها، وداع مفارق خلف خيراته، وأسعد بركاته، وجاد بعطاياه.
اللهم فلك الحمد مني حمد من لا يخادع نفسه من تقدم جزعها منه، ولا يجحد نعمتك في الذي أفدته ومحوته عنه، سائل لك أن تعرض عما اعتمدته فيه، ولم يعتمده من زلله، إعراض المتجافي العظيم، وأن تقبل على أيسر ما تقربت به إقبال الراضي الكريم، أن ينظر إلى بنظرة البر الرؤف الرحيم.
اللهم عقب علي بغفرانك في عقباه، وآمني من عذابك ما أخشاه، وقني من صنوفه ما أتوقاه، واختم لي في خاتمته بخير تجزل منه عطيتي، وتشفع فيه مسئلتي وتسد به فاقتي، وتنفى به شقوتي، وتقرب به سعادتي، وتملأ يدي من خيرات الدارين، بأفضل ما ملأت به يد سائل، ورجعت به أمل آمل، وتمنحني في والدي وفي جميع المؤمنين والمؤمنات الغفران والرضوان، وتذكرهم منك باحسان تنيل أرواحهم مسرة رضوانك، وتوصل إليها لذة غفرانك، وترعاها في رياض جنانك بين ظلال أشجارها، وجداول أنهارها، وهنيئ ثمارها، وكثير خيراتها، واستواء أقواتها، وصنوف لذاتها، وسائغ بركاته، وأحينا لورود هذا الشهر عائدا في قابل عامنا بهدم أوزارنا وآثامنا إلى القربات منك سبيلا، وعليها دليلا، وإليها وسيلا، يا أقدر القادرين، ويا أجود المسؤولين.
اللهم إن كل ما لفظت به إليك - جل ثناؤك - من تمجيد وتحميد ووصف لقدرتك وإقرار بوحدانيتك، وإرضائك من نصبي إليك، ومن إقبالي بالثناء عليك، فهو